الأصل أن كل أجهزة الدولة تعمل لنجاح الرئيس عبدالفتاح السيسى، تخطط معه، تنفذ أفكاره، تلتزم بتوجيهاته، ترفع له التقارير أولًا بأول عن المشاكل ومقترحات الحلول.
الرئيس أعلن عن زيارته لفرنسا نهاية الشهر الجارى، وهى الزيارة الأولى. ووفقًا للتحليلات البدلوماسية، فإنها مهمة، وستهتم بها وكالات الأنباء العالمية، والمنطقى أن تمهد كل أجهزة الدولة داخليًا وخارجيًا لتلك الزيارة، يبدأ التنسيق الدبوماسى بين الدولتين، تعد وزارة الخارجية الملفات العالقة، وتدرجها على جدول أعمال اللقاء.
الغريب أنه بالتزامن مع الإعلان عن الزيارة ألقى أفراد الأمن بمديرية أمن القاهرة القبض على الصحفى الفرنسى الأبرز «آلان جريش»، رئيس تحرير جريدة «لوموند ديبلوماتيك»، واحتجزوه لمدة ساعتين بقسم شرطة قصر النيل، فى تصرف غريب ترتب عليه مباشرة «إحراج الرئيسى السيسى»، لأن كل وسائل الإعلام الفرنسية التى تستعد لزيارة السيسى نقلت خبر القبض على «آلان جريش»، ووصفته بأنه ضد الحقوق والحريات، ويتناقض مع القواعد والأعراف الدولية، بل وتحملت بوجهة نظر مسبقة قبل زيارة الرئيس يترتب عليها التحامل على مصر و«السيسى» فى أى خبر قريب.
تفاصيل القبض على «آلان جريش» تصيبك بالألم النفسى، وتدفعك للتساؤل دائمًا «إيه الغباء ده؟.. هى وصلت للدرجة دى؟!».. «جريش» كان يجلس مع اثنتين فى مقهى بوسط القاهرة، وإذا بإحدى السيدات الفضليات من فئة المواطنين الشرفاء تصرخ عاليًا: «إنتو خربتوا البلد»، وتستدعى الأمن للقبض عليهم.. يحضر الأمن بعد دقائق، ويحتجز «آلان جريش» ويصطحبه لقسم شرطة قصر النيل لمدة ساعتين.
خرج «آلان جريش» بعد تدخل من نقابة الصحفيين والمجلس القومى لحقوق الإنسان، لكن ترسخ فى عقيدته كصحفى فرنسى كبير، وفى عقيدة كل وسائل الإعلام الفرنسية، أن الأمن المصرى يعتقل دون أى مبرر، يقبض على المواطنين دون سبب، فقط لأن أحد المواطنين الشرفاء أرشد الأمن عنك.
قد تستمع لمبررات مختلفة من الأمن من عينة «لم نكن نعرفه»، أو «مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان قدم له اعتذارًا»، للأسف الشديد كلها لم تعد بأى فائدة.. وتسببتم فى إحراج الرئيس بأخطاء تافهة غير مسؤولة.