كان القفص الصدرى لمجدى عبدالغنى يعلو ويهبط وهو يحتضن الكرة متجهاً نحو بروكلين حارس مرمى هولندا لتسديد ضربة الجزاء الشهيرة.
هدف مجدى عبدالغنى فى حد ذاته ليس محل اهتمامى، فى الخلفية كانت تعلو صرخة محمود بكر الشهيرة «عدالة السماء نزلت على استاد باليرمو»، ومن لحظتها وأنا على يقين بأن عدالة السماء تتنزل على عباده فى التوقيت السليم، وفى المكان الصحيح، حتى ولو كان على رأس مذنب يجوب فضاء السماء.
وعلى رأس المذنب «بى 67» استقرت «المركبة فيلة» فى أول عملية إنزال من تاريخها لـ«روبوت آلى» على ظهر مذنب هائم فى الفضاء ضمن فعاليات عملية فضائية كبرى تحمل اسم «روزيتا».
«روزيتا» هى عدالة السماء، خير رد على كل إعلامى أو كاتب أو من يدعون أنهم كذلك، وتركوا كل شىء وتفرغوا للهجوم على الدكتور عصام حجى لمجرد اعتراضه على منهجية البحث العلمى فى موضوع علاج الإيدز الذى أعلنه اللواء عبدالعاطى، قالها عصام حجى المستشار العلمى السابق للرئيس من هنا، وانطلقت أمانى الخياط، ونائلة عمارة، ينهشان فى لحمه ويتهمانه بأنه جاهل وليس عالما، بل مجرد باحث فى وكالة كل مهمتها إجراء تجارب على القرود والفئران، وانضم إليهما فى الهجوم عدد آخر من الإعلاميين وصفوه بأنه سمسار شركات أدوية يشكك فى العلاج الجديد لصالح العلاج الأجنبى.
اليوم يسترد عصام حجى بعضاً من حقه العلمى وهو يقود فريقا عالميا فى واحدة من أهم الأحداث العلمية على السطح الآن، تشبه العملية «روزيتا» عملية الصعود إلى القمر، ولكن يتوجها شىء أهم هو مشاركة 4 علماء مصريين شباب ضمن الفريق العلمى المسؤول عن المهمة، هم: «د. رامى المعرى، 35 سنة، د. أحمد الشافعى 28 سنة، د عصام حجى، 39 سنة، د. عصام معروف، 56 سنة». ورغم ذلك لم يمنحهم أحد فى مصر الاهتمام الكافى.
فى اتصال هاتفى مع الدكتور رامى المعرى لمعرفة آخر ما توصل إليه مشروعهم العلمى الجديد، وصلنى الحزن فى صوته قبل أن تصلنى المعلومات، وصلنى وجع شاب مصرى من عدم اهتمام دولته وإعلامها بخطوته العلمية المهمة، مثلما يهتمون بأخبار محمد صلاح، وأصوات السبكى الغريبة الصادرة من حلقه، كان المعرى يتحدث بفخر عن طبيعة المشروع ومصريته التى تجلت فى مشاركة 4 مصريين ضمن الفريق العلمى، بالإضافة إلى الصبغة المصرية التى سيطرت على كل شىء فى المهمة الفضائية، بداية من اسمها «روزيتا» الذى يشير إلى حجر رشيد، مرورا بالمركبة «فيلة» التى حملت اسم معبد «فيلة» الفرعونى، ثم كاميرا تصوير أرض المذنب التى حملت اسم «أوزوريس».
أسماء مصرية قال المعرى إن سبب استخدامها راجع إلى رسالة تقول إن ماضى مصر كان حضارة عظيمة نجحت فى حل لغز الكثير من أمور الكون، وها هى مستمرة فى فعل ذلك، ثم فعلها المعرى وزاد من مقدار الوجع حينما قال بصوت موجوع رغم فرحته بمشروعه العلمى: «مؤسف جدا أن يهتم العالم كله بماضى الحضارة المصرية، بينما نحن كمصريين لا نهتم أصلاً بحاضرنا ولا مستقبلنا».