لا أعرف سبباً جوهرياً لتلك الحرب «القاسية» التى تشنها بعض وسائل الإعلام ضد الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وحينما أصفها بـ«القاسية» فذلك لأنها وللأسف الشديد حرب غير متكافئة، حيث تستخدم فيها وسائل الإعلام فى كثير من الأحيان أساليب «الضرب تحت الحزام»، فكما هو معروف للجميع فإن الإعلام سلاح خطير قادر على قلب الحقائق حينما يستخدمه الحاقدون من أجل تحقيق أهداف خاصة، فضلاً على أن الطرف الآخر فى هذه الحرب مهما كانت قوته وقدرته على العمل الناجح وعلى تنفيذ مشروعات كبرى تخدم المجتمع، إلا أن ذلك ليس كافياً لكى يتمكن من مواجهة من يقف وراء تلك الحرب التى يشنها بعض الإعلاميين والصحفيين بمناسبة وبدون مناسبة.
وهنا أتساءل: لماذا تخرج علينا بين الحين والآخر أصوات تنتقد الدكتور مصطفى مدبولى، وتنتقد ما يجرى فى قطاع الإسكان والتشكيك فى أهمية وقيمة المشروعات السكنية التى يتم بالفعل تنفيذ الكثير منها الآن، أليس من الأجدى أن يتكاتف الإعلام ويكون أكثر إيجابية ويقف إلى جوار كل مسؤول يعمل بصدق من أجل النهوض بالمجتمع وتوفير خدمات للمواطن فى شتى المجالات، أليس هذا هو الوقت المناسب لكى يبادر الإعلام الإيجابى بإلقاء الضوء على ما يتم من مشروعات حقيقية وجادة، وأن يكون بمثابة القاطرة التى تدفع الدولة إلى الأمام، ألسنا فى أشد الحاجة إلى مثل تلك المشروعات المهمة، فيكفى أن نعرف أن المصريين يعيشون الآن على مساحة %6 فقط من الأراضى، وهو ما يوضح مدى حرص الحكومة على تنفيذ خطتها التى تستهدف مضاعفة هذه المساحة خلال الفترة المقبلة.
قد يكون قطاع الإسكان كغيره من قطاعات الدولة يعانى من الكثير من المشكلات التى تراكمت عبر سنوات طويلة تولى الوزارة فيها عدد ليس قليلا من الوزراء منهم من كان يعمل لمصالحه الشخصية، ومنهم من كان يعمل حسب ما هو متاح بالنسبة له وقليلون منهم من حرص على أن ينهض بهذا القطاع المهم، وأعتقد أن الدكتور مصطفى مدبولى واحد من هذا النوع الأخير، فهو، وإن جاز التعبير، يحاول إنجاز العديد من المشروعات، فالرجل ينحت فى الصخر من أجل الخروج بمشكلة الإسكان من عنق الزجاجة، ربما ذلك انعكاس لطباعه، فهو جاد فى عمله مخلص لوطنه يقتحم المشكلات دون تردد أو ارتعاش.
فبنظرة متأنية لما يجرى فى قطاع الإسكان فى مصر الآن نلمس بوضوح أن ما يشهده هذا القطاع من طفرة هائلة فى العديد من المشروعات التى تناسب كل الفئات وجميع الأعمار يتأكد، وبما لا يدع مجالاً للشك، أننا أمام حالة غير مسبوقة ولم تشهدها مصر من قبل فى هذا القطاع الحيوى والمهم.
ربما يكون ذلك انعكاسا طبيعيا لتلك الحالة من الزخم فى الأحداث التى تشهدها مصر فى كل المجالات تحت قيادة الرئيس السيسى، الذى لا يدخر جهداً من أجل السعى نحو إعادة الدولة المصرية القومة والرائدة فى شتى المجالات.. وربما يكون ما يحدث من طفرة فى مجال الإسكان نابعاً من فكر واستراتيجيات يسير عليها الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان، فبقراءة متأنية لملف الإسكان نجده يتحرك على كل الأصعدة فى توقيت واحد، ففى الوقت الذى نجده يسعى نحو تنفيذ مشروعات الإسكان الخاصة بمحدودى الدخل، تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية التى تنحاز بشكل لافت للنظر إلى هذه الفئة، نجده أيضا وبنفس الحماس يسعى نحو توفير وحدات سكنية للقادرين، حيث إنه يؤمن بأن من حق كل مواطن يعيش على أرض مصر أن يحصل على المسكن الملائم له الذى يتناسب مع مستواه المعيشى.
وأتوقف قليلاً أمام مشروع الإسكان المتوسط الذى أطلقت عليه وزارة الإسكان اسم «دار مصر» فنجد أنه مشروع فى غاية الأهمية، حيث من شأنه أن يغير وجه الإسكان الحكومى فى مصر، خاصة لفئة متوسطى الدخل، فأسعار وحدات المشروع تقل عما يماثلها فى مشروعات القطاع الخاص بـنسبة تصل إلى حوالى %30 كاملة.. واللافت للنظر أن هذا المشروع لم يعد مجرد فكرة أو مجرد تصريحات صحفية كما كان يحدث من قبل، فالمشروع قد بدأ تنفيذه بالفعل وسيتم تسليمه كامل المرافق والخدمات خلال 18 شهرا فقط، وهو ما لا يتم فى أى مشروع مماثل يجرى تنفيذه بهذا الحجم.
والذى أثار دهشتى حقاً أن حساب أسعار تلك الوحدات السكنية لم يكن وفقا لأهواء الوزارة، وإنما جاء وفق دراسة سوقية مستفيضة، تم تحديد الأسعار على أساسها، بل إن هناك مدنا فى المشروع مثل بدر والسادات والعاشر من رمضان، جاءت أسعارها أقل من الذى حددته الدراسة، رغبة من الوزارة فى تنمية هذه المدن، وإتاحة وحدات سكنية تناسب فئة متوسطى الدخل، الراغبون فى السكن بالمدن الثلاث، ولا يتوافر لهم وحدات سكنية مناسبة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الدكتور مصطفى مدبولى أراد أن يضرب المثل والقدوة للوزير الذى لا هم له سوى أن يعمل ويعمل من أجل خدمة المجتمع، ففى الوقت الذى نرى أن وزارة الإسكان تقوم فيه بتنفيذ مثل هذا المشروع لفئة متوسطى الدخل، فإنها تقوم بتنفيذ أضخم مشروع على مستوى العالم لمحدودى الدخل، وهو المشروع الذى أطلقت عليه الحكومة اسم «مشروع المليون وحدة» الذى يتم تنفيذه بمساحة 90 مترا صافية، كاملة التشطيب والخدمات والمرافق، وأيضا بمقدم حجز 5 آلاف جنيه، ودعم يتراوح بين 5 إلى 25 ألف جنيه وفقا لدخل كل مستفيد.
ويحضرنى ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولى عن أن الوزارة تقوم على ضبط السوق العقارية من خلال طرح مشروعات متنوعة تناسب جميع فئات المجتمع، من خلال دعم محدودى الدخل، أسوة بما يتم فى مشروع المليون وحدة، ومساندة متوسطى الدخل، وهو ما يتم خلال طرح مشروع «دار مصر»، والإتاحة لمرتفعى الدخل، أسوة بما تم فى طرح قطع الأراضى المميزة.
وكما سبق أن قلت، فإن الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان يجسد بشكل حقيقى تلك الروح التى أوجدتها القيادة السياسية فى مصر الآن وسط أجواء مفعمة بالوطنية والرغبة الصادقة فى النهوض بالاقتصاد القومى نهضة حقيقية من خلال تلك المشروعات العملاقة التى تتم فى أنحاء متفرقة من أرض الوطن، ففى خلال اللقاء الذى نظمته مؤخراً الغرفة الأمريكية للتجارة بمصر كان حريصاً كل الحرص على جذب استثمارات جديدة فى قطاع التشييد والبناء، باعتباره من القطاعات الواعدة والجاذبة للاستثمار، وهو ما يدعونى إلى مطالبته بالقيام بعرض مجموعة متنوعة من فرص الاستثمار العقارى خلال المؤتمر الاقتصادى الذى ستنظمه مصر فى منتصف مارس المقبل تنفيذا لهذا التوجه الذى أراه يسير عليه الآن.
وهنا فإننى أشيد بتلك الخطوة المهمة التى خطتها مصر بدخولها فى مفاوضات جادة مع البنك الدولى لتطوير عدد من المناطق الجديدة مثل العلمين، حيث سيتم إقامة مدينة العلمين الجديدة على مساحة 30 مليون متر مربع، فنحن أحوج ما نكون الآن إلى الخطط الطموحة لإقامة مناطق تجارية وسكنية ضخمة ومحطات مياه تحت وفوق الأرض.
وعلى الرغم من ذلك فهناك أمر مهم للغاية، وهو بمثابة التحدى الأكبر الذى يواجه الدكتور مصطفى مدبوى، وذلك يتمثل فى مشكلات الصرف الصحى فى القرى، نظراً لأن نصف القرى على مستوى الجمهورية لا يوجد بها صرف صحى، مما يهدد بانتشار الأمراض من ناحية وبانهيار المنازل من ناحية أخرى بسبب أن الصرف بمعرفة الأهالى يتسبب فى تسريب المياه أسفل وحول المنازل مما يهدد بكوارث إنسانية، لذا فإن وزير الإسكان أمامه تحدٍ أكبر وهو إيجاد حل لتلك الأزمات المتفاقمة وخاصة فى القرى، حيث يحتاج الأمر إلى حوالى 8 سنوات لتغطية كل الاحتياجات بميزانيات ضخمة تقدر بمليارات الجنيهات.
إننى وحينما أتحدث عن الدكتور مصطفى مدبولى، فإننى أتناول «حالة خاصة» أراها فى حاجة إلى الدعم والمساندة، فحينما التقيته لأول مرة شعرت بأننى أمام نموذج من المسؤولين الذين يعملون وهم يعرفون ما يريدون تحقيقه ويضعون أمام أعينهم مصلحة الوطن والمواطن قبل أى شىء، فالدكتور مصطفى مدبولى بما يقوم به الآن على أرض الوقع يعبر بصدق عن المقولة التى تقول: «بدلاً من أن تلعن الظلام، حاول أن تشعل شمعة.. فحتى وإن كانت غير كافية لمحو كل الظلام فهى قادرة على أن تجعلنا نرى ولو جزء بسيط من الواقع المحيط بنا.. نعم هكذا يعمل الدكتور مصطفى مدبولى فبدلاً من أن ينعى حظة ويشكو من تفاقم أزمة الإسكان المتراكمة، نجده وقد اقتحم تلك المشكلة بقلب جسور لا يعرف التردد، وها نحن نرى بأعيننا تلك المشروعات التى قاربت على الانتهاء، حيث من المقرر أن يتم تسليم أول دفعة للوحدات السكنية التى تم طرحها للمواطنين محدودى الدخل ضمن مشروع «المليون وحدة سكنية» نهاية الشهر الجارى، وذلك للفائزين بتلك الوحدات والتى انطبقت عليهم شروط قانون «الإسكان الاجتماعى».
طالما الأمر على هذا النحو من الجدية، فلماذا يصر البعض على النظر إلى النصف الفارغ من الكوب، علماً بأنه لو دقق النظر سيجد أن الكوب ملىء بالفعل بالكثير والكثير من الأشياء الجميلة.