الجدل الدائر حول قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لمجلس النواب المقبل، لايزال دائراً والبحث عن الطريقة المثلى للوصول لحلول ترضى جميع الأطراف، لم يزل أيضاً غائباً، وبرغم ثقتى فى مجلس الوزراء برئاسة المهندس إبراهيم محلب، وحكمة رجال الفقه والقانون، فإنى أرى أن النظام الأنسب والأكثر مصداقية أمام جماهير الناخبين والعائد بأكثر فائدة عليهم، هو أن يكون لكل دائرة نائب.. بعيداً عن توسيع الدوائر.. ولعل فى ذلك عدالة فى تمثيل النائب لسكان دائرته، كى يكون أكثر اتصالاً بمشاكلهم ومتاعبهم وآمالهم، ففى هذه الحالة يتبنى هذا النائب أحوال الدائرة عن قرب.. ويكون لصيقاً بكل ما يريدونه.. وأنا شخصياً أرحب باقتراح الفقيه القانونى والعالم الكبير الدكتور بهاء الدين أبوشقة، الذى أكد فيه انحيازه لأن يكون لكل دائرة نائب، نافياً فكرة التوسع فى الدوائر حتى لا تتوه العدالة فى المراكز الكبيرة، وتحرم القرى من حلول مشاكلها ومن تحقيق الخدمات اللازمة لأهالى القرى وهى كثيرة، وبعضها متوارث منذ سنوات لا يجد من يحلها، فإذا اتسعت الدوائر ضاقت الحلول الصغيرة.. وما أحوج هذه القرى والنجوع للم الشمل وليس التشتيت وتفريق الأزمات.. ونحن نناقش اليوم هذه المشاكل حرصاً على استكمال خارطة الطريق.. وتحقيق الإنجاز الثالث والمهم فى هذه الخارطة.. علينا أن نسرع فى حسم القضايا.. وفى إنجاز واضح بعيداً عن المزايدات، فالوقت ليس فى صالحنا.. بل إنه ليس هناك اتساع من الوقت، لكى نماطل ونتوه وسط صراعات الأفكار.
وأنا شخصياً أتحدث عن تجربتى كأحد المرشحين لمجلس النواب المقبل عن دائرة زفتى بمحافظة الغربية، والتى تضم 65 قرية.. أقول عن ثقة إننى أعرف مشاكلها وأزماتها اليومية.. وقد توغلت فى دروبها وقراها ونجوعها.. ووصلت قناعاتى عن رضا وعن ضمير وخبرة، أن النظام الأفضل والأنسب هو أن يكون لكل دائرة نائب، وإن كنت لست متحيزاً لنظام دون الآخر، فليست لى مصلحة فى نظام دون غيره، بل إننى على استعداد أن أدخل الانتخابات بأى أسلوب حتى لو بنظام لكل دائرة نائب أو أكثر.. أقول هذا وأعرف أنه من الصعب أن نصل إلى حل واحد يرضى الجميع، ولن نتفق على نموذج واح،د ومن هذا المنطق، فلابد أن تحسم الحكومة سريعا هذا الوضع.. فقد تعودنا من النائب أن يكون قريباً من دائرته واعياً لكل ما يدور فيها.. لابد أن يكون هناك تمثيل عادل للسكان بحيث لا يرهق النائب، فالناس محرومة من الخدمات والنائب لا يملك عصا سحرية، ومع توسع الدوائر أخشى أن يكون هذا ضد مصداقية النائب تجاه الدائرة، لأن النائب فى النهاية هو نائب خدمى بجانب مسؤولياته التشريعية.. ولابد أن يدرك الناس أن استمرار هذا الجدل سيدخلنا فى متاهات وخلافات متسعة وارتباك.. ويهمنى حالياً أن نصل إلى صياغة قانون بحيث لا يكون ضد المصالح العامة، ولا تكون فيه عدم دستورية، وبهذا نصل إلى بر الأمان حتى لا ندور ونلف حول مفاهيم لا تحل ولا تربط.. لابد من قانون يظهر للنور بعيداً عن المهاترات.. وأنا أعتقد أن اللجنة ستصل إلى حل أمثل من خلال دراسة متأنية، حتى لا نفاجأ بقانون يزيدنا تأزماً، وحتى يبتعد عن أى طعون أو يوصف بعدم دستورية.. الأمر بين يدى الحكومة وعلى مجلس الوزراء برئاسة المهندس إبراهيم محلب، أن يحسم القانون المنظم للانتخابات سريعاً، فلم يعد هناك وقت.. وعلينا أيضاً أن نلتف أفراداً وجماعات وأحزابا.. حول قضية واحدة وقرار واحد، حتى لا نتشتت ونعود إلى نقطة الصفر.. لأن مجلس النواب المقبل من المفترض ألا يكون مثل أى مجلس سابق، فهو لا يمثل الشعب فقط، بل يمثل قيم ومبادئ ثورتى 25 يناير و30 يونيو.