تبقى السيرة العطرة للواء الراحل أحمد رأفت، نائب مدير جهاز مباحث أمن الدولة، ويبقى دوره التاريخى كمهندس للمراجعات الفكرية للجماعات الإسلامية وإعلانها مبادرة نبذ العنف والتراجع عن الأعمال الإرهابية التى دمرت مصر فى التسعينيات.
اللواء رأفت أو الحاج مصطفى رفعت كما كان يحب دائما أن يناديه قيادات الجماعة الإسلامية فى السجون، نموذج لرجل أمنى حكيم يدرك تماما قوة القبضة الأمنية وبطشها، ويدرك أيضا دور العقل والحوار فى معادلة مكافحة الإرهاب وأعمال العنف، هو أول من رفع شعار المواجهة الفكرية مع قيادات الجماعة الإسلامية، تنقل بين السجون وتقابل مع كل القيادات وعقد بينهم لقاءات مطولة، وقبلها درس علوم الشريعة الإسلامية، لكى يمتلك الحجة فى الرد عليهم إن لزم الأمر، اليوم ونحن نمر بمشاهد تتطابق مع إرهاب التسعينيات، نحتاج إلى خليفة للحاج مصطفى رفعت فى جهاز الأمن الوطنى، نحتاج لتلامذة مصطفى رفعت، نحتاج من جديد للفكر الأمنى المبنى على المواءمة بين بطش الدولة حفاظا على أمنها الداخلى وقدرتها على الحوار فى الوقت ذاته.
مقاطعة - أعلم القارئ العزيز أنه قد يراودك ملاحظة عن عدم حاجتنا الآن للمعالجة الفكرية لأننا فى مواجهة قوية مع الإرهاب تحتاج سلاح الأمن فقط، واسمح لى هنا أن أوضح لك أمرا مهما، أتفق تماما مع رأيك أن الإرهاب فى سيناء والمحافظات يحتاج للردع، ولكن عليك أن تعلم أن آلاف داخل السجون بينهم من يحاكم وبينهم من هو محبوس على قيد التحقيقات، وآجلا أم عاجلا سيخرجون بعد عام أو 2 او 10، ولكن عقليتهم الفكرية وقت الدخول تختلف تماما عن وقت الخروج، ما يقضونه من وقت بالسجون حتما سيغير فكرهم ويزيدهم ميلا إلى أفكار متطرفة إلى استحلال دماء غير المسلمين، إلى تكفير الحاكم، إلى مشروعية ارتكاب أعمال عدائية ضد الجيش والشرطة، إلى دائرة لا تنته من أعمال الإرهاب.
من أجل هذا نحتاج إلى خليفة للحاج مصطفى رفعت، نحتاج من يتنقل بين السجون، من يحاور الآلاف من المقبوض عليهم، نحتاج من يحرك عقيدتهم التكفيرية، نحتاج من يدق جرس الخطر لضباط الأمن الوطنى أن دورهم الحقيقى ليس فقط القبض وتحرير محضر تحريات، ولكن أيضا السعى نحو المزيج بين الأمن والفكر ليكونوا حقا تلامذة الحاج مصطفى رفعت.