هل إحنا شعب عناتيل فعلا؟، لا فارق معانا فيروس سى ولا فشل كلوى ولا مرارة أكل العيش، لا بيهمنا فقر ولا عشوائيات ولا سكن فى المدافن، نشتكى من أزمة السولار ومن انقطاع الكهرباء، لكن بندفع دم قلبنا فى الفياجرا والسيلاس، والمنشطات المضروبة عشان نثبت لأنفسنا إن الحياة لسه لونها بمبى، وكل يوم يظهر واحد تافه عايز يدخل التاريخ وينافس كازانوفا بشوية مشاهد يصورها لنفسه فى لحظات التجلى مع الساقطات.
وهل تثبت الفيديوهات الجنسية التى تنتشر يوميا لمواطنين أن الصحة الجنسية للمصريين عال العال، وأن مستوى التمتع والرفاهية فى ارتفاع، وأن محبة الحياة أصيلة لدى المصريين، لم تؤثر فيها المحن ولا الكوارث ولا الأزمات الاقتصادية والصحية ؟ وإذا كانت الإجابة كما أعتقد بالنفى، فإلى ماذا تشير تلك الفيديوهات الجنسية التى أصبحت ظاهرة فى المجتمع؟
جانب منها، يعكس مستوى الانحراف الخلقى والنفسى الذى أصبحنا عليه، فقديما كان الوعى الشعبى للمواطن العادى ينطلق من المقولة الشائعة المستمدة من الحديث الشريف، «إذا ابتليتم فاستتروا»، لكن الأمر أصبح نوعا من التباهى الفارغ، وإثبات قوة وفحولة استثنائيتين لإخفاء عجز دائم، كما أصبح فى جانب منه استعراضا لتعويض نقص فى الشخصية لا علاج له فى الحقيقة.
وجانب آخر يعكس انحطاط الشخصية لدى كثير من الرجال، فمفهوم الرجولة نفسه طرأ عليه الكثير من التجريف والتشويه، وأصبح من العادى أن يعيش الرجل نذلا ومتصالحا مع نفسه، وديوثا ومدافعا عن موقفه فى الحياة على اعتبار أن الدياثة موضة عالمية، أو تطور جديد فى الأخلاق، وخانعا ثم يفسر خنوعه باعتباره المواءمة السياسية الضرورية للحظة الراهنة، وأن من الحماقة أن يكون الإنسان حرا يواجه التحديات بشجاعة ويدفع ثمنها غير نادم.
«العنتلة» إذن خيبة ثقيلة، وعارض لانحراف مرضى، وهى تختلف عن أخبار العشق والغرام فى تراثنا العربى القريب والبعيد، فالعنتلة، أى شراء اللذة من الساقطات، والكشف عنها بالحكى أو بالفيديو، لم يكن يوما محترما فى تاريخنا، ولا سببا للتباهى، كما لم يعكس قدرة أو قوة، عكس تجارب العشق التى اكتملت وذاعت لأنها بين أحرار لم يدخل فيها مال، ولم تحكمها منظومة النذالة التى أصبحت حالة عامة للأسف الشديد.