محمد فودة

محمد فودة يكتب.. منير فخرى عبدالنور.. انتبه «الوزارة ترجع إلى الخلف»!!

الأربعاء، 19 نوفمبر 2014 09:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما ينجح أى شخص فى أداء عمله بجدارة وينجز المهام الموكلة إليه كما يجب أن يكون، فإنه يصبح محط أنظار الجميع ويستحق عن جدارة أن نطلق عليه أنه «الشخص المناسب فى المكان المناسب»، ليس هذا وحسب بل نجد أيضاً جميع الجهات تتهافت عليه وتحاول استقطابه فى محاولة للاستفادة من خبراته الواسعة وعلمه اللا محدود، ونشاطه الذى يراه الجميع ظاهراً مثل «عين الشمس».. وعلى العكس من ذلك تماماً حينما يظل شخص ما مسؤولاً لفترة طويلة عن قطاع مهم ولم يحق أى شىء يذكر، بل إن هذا القطاع نجده فى تراجع ملحوظ، فإن هذا الشخص ينبغى عليه أن يتوارى خجلاً، وأن يختفى بعض الشىء عن دائرة الضوء حتى لا يتذكر أحد فشله فى المهمة التى لم ينجح فيها، خاصة حينما تكون هذه المهام الوطنية لا تحتمل رفاهية الفشل بأى شكل من الأشكال.

ما أقوله فى هذا الشأن ينطبق تماماً على تجربة منير فخرى عبدالنور وزير الصناعة والتجارة، فالرجل وإن كان يتمتع بشخصية «ودودة» مع المحيطين به، إلا أننى لا أرى سبباً واحداً لكى يتم اختياره وزيراً للصناعة والتجارة فى الحكومة الحالية، على الرغم من أنه عُيّن من قبل وزيرًا للسياحة فى حكومة الفريق أحمد شفيق وبقى فى هذا المنصب فى حكومة د. عصام شرف، ثم حكومة د. كمال الجنزورى، وللأسف الشديد فإن قطاع السياحة فى عهده لم يشهد أى تقدم يذكر، بل على العكس من ذلك تماماً فقد تراجعت السياحة كثيرا.. وحتى لا أكون متجنياً عليه فإن ذلك ربما يكون راجعاً إلى أسباب بعيدة عنه كل البعد، بسبب الظروف غير المستقرة التى كانت تمر بها البلاد آنذاك، لذا حينما أنتقده فإننى لا أتحدث عن شخصه، وإنما أتحدث عن الرؤى والأفكار والاستراتيجيات التى كان ينبغى أن يقدمها لنا فى قطاع مهم مثل قطاع السياحة، فللأسف الشديد لم يكن له إنجاز يمكن أن يحسب له، كما أنه لم يبادر حتى بطرح تصورات واقعية للخروج من الأزمة التى كانت ولا تزال تعانى منها السياحة، حتى وإن لم يحقق الأهداف المرجوة منها، فلو أنه كان قد بادر بمحاولة جادة ولم تأت بالنتائج المرجوة لكان له أجر المحاولة، ولكنه وللأسف الشديد حتى مجرد «المحاولة» لم يجهد نفسه ويقوم بها حيث لم نر له أى إنجازات على أرض الواقع طوال فترة توليه وزارة السياحة.

كما أنه شغل أيضاً منصب وزير الاستثمار، ولم يسمع أحد عن أى إنجاز يذكر له فى هذا القطاع الحيوى المهم أيضاً، ولكن يبدو أن الدولة كعادتها تجيد السباحة ضد التيار، فقد فوجئنا بأنه تتم مكافأته على هذا الإخفاق الواضح فى وزارة السياحة ووزارة الاستثمار بأن أسندت إليه وزارة الصناعة والتجارة، وكأن لسان حال الحكومة فى هذا الشأن يقول إنها ترغب فى القضاء على هذه الوزارة أيضاً والتخلص من أى بادرة أمل فى تنشيط الصناعة الوطنية، وبالطبع فإنه سيترتب عن هذا الاختيار الذى لم يكن فى محله عدة نتائج، أبرزها أن يهرب المستثمرون طالما لا يجدون وزيراً يحببهم فى إقامة صناعات داخل مصر أو حتى لديه القدرة على إقناعهم بضخ أموالهم فى مشروعات يمكن إقامتها على أرض مصر التى تشهد نهضة حقيقية فى شتى مجالات الحياة، كما أنه وللأسف الشديد لا يتمتع بالقدرات الخاصة التى تؤهله للنجاح فى الترويج لخريطة مصر الاستثماريةو وهى قدرات لا تكتسب بل هى فى حقيقة الأمر مهارات يمنحها الله سبحانه وتعالى لمن يسخرهم للقيام بمثل تلك المهام الوطنية.

وكما قلت من قبل مراراً وتكراراً إننى حينما أكتب منتقداً أى وزير أو أى مسؤول مهما كانت مكانته فى الحكومة فإن هذا لا يكون بأى حال من الأحوال موجهاً لشخصه، فأنا أكن كل تقدير واحترام لحكومة المهندس إبراهيم محلب، ولكننى أحرص كل الحرص على أن أوجه انتقادى لهذا أو ذاك من أجل هدف محدد، وهو أننا فى حاجة إلى وزراء قادرين على ترجمة فكر الرئيس السيسى الذى نراه جميعا وهو يعمل ليل نهار بل ويسابق الزمن من أجل الخروج بالاقتصاد القومى من عنق الزجاجة، فهل يعقل أن يكون السيد الرئيس والسيد رئيس الوزراء على هذا النحو من الهمة والنشاط، ويكون من بين أعضاء الحكومة من يتعامل مع المنصب كنوع من «الوجاهة الاجتماعية» حيث لا نرى له نشاطاً أو إنجازاً يتماشى مع ما تحققه القيادة السياسية كل يوم من إنجازات كبرى فى شتى المجالات، سواء على المستوى الداخلى أو على المستوى الخارجى.

فماذا فعل وزير الصناعة والتجارة استعداداً لمؤتمر أصدقاء مصر، أعتقد أن كل تلك التصريحات التى نقرأها ونسمعها ونطالعها كل يوم على لسانه لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تكون نموذجاً حياً لإنجاح هذا المؤتمر الذى تعول عليه القيادة السياسية الكثير والكثير من الآمال.. والذى ينظر إليه العالم كله ويتعامل معه باعتباره بمثابة نقطة تحول فى منتهى الخطورة سيكون لها عظيم الأثر على الاقتصاد المصرى الذى بدأ فى التعافى شيئاً فشيئاً، بفضل الجهود المضنية التى يبذلها السيد الرئيس.

وإذا عدنا إلى الوراء وبالتحديد وقت أن كان منير فخرى عبدالنور وزيراً للسياحة سنجد أنفسنا أمام كم هائل من التصريحات البعيدة كل البعد عن الواقع الفعلى لحال السياحة المصرية، الأمر الذى يجعلنا لا نتعجب كثيراً ونحن نتابع ما يدلى به من تصريحات الآن بشأن الصناعة والمناخ الحالى الجاذب للاستثمار فى مصر، فما أن تولى وزارة الإسكان فى أعقاب ثورة 25 يناير، فوجئنا بسيل من التصريحات أدلى بها الوزير، منها ما قاله حول الاتحاد والغرف السياحية، وهو عدم اللجوء إلى حل مجالس الإدارات، رغم أن هناك حكم محكمة إدارية عليا يقضى بذلك، بحجة وجود استشكالات، ولعل الوزير يعلم أن الوزير الذى كان يسبقه فى هذا المنصب قام بتغيير قوانين وقواعد الانتخابات، وعدد أعضاء مجالس الإدارة، وهو ما حكمت المحكمة ببطلانه، كما فاجأ الجميع أيضاً بتصريحات ما كان يجب أن تصدر عن مسؤول كبير، وذلك حينما صرح فى رحلته التى قام بها إلى برلين وروسيا عقب توليه منصب وزير السياحة بأن السياحة العالمية قد زادت فى مصر بشكل كبير، بل إن مصر حققت أكبر زيادة فى السياحة عن باقى كل دول العالم، وللأسف الشديد كان هذا الكلام يمثل «خطأ جسيماً»، حيث إن هذه الزيادة التى تحدث عنها ليست نتيجة للحملات الضعيفة أو الحملات المشتركة الفاشلة لسرقة أموال مصر مع الشركات الأجنبية، بل هى نتيجة طبيعية جاءت نتيجة لاندفاع راغبى السياحة والسفر فى العالم كله للسفر والترحال والعودة إلى الحياة الطبيعية بعد عام 2009، الذى شهد أزمة الاقتصاد العالمى وهو عام صعب عاشه العالم كله.

ويبدو أن منير فخرى عبدالنور وهو السياسى المحنك والشخص المهذب وجد ضالته فى أسلوب التصريحات الوردية و«الكلام المرتب بدقة وعناية» أداة مهمة فى كسب رضا النظام، ووسيلة لأن يظل داخل دائرة الضوء، فأراد أن يسير على هذا النهج فى الوزارة التى يديرها الآن، وهى وزارة الصناعة والتجارة، وهو ما يفسر لنا ما تطالعنا به وسائل الإعلام من تصريحات لم نر لها أى وجود على أرض الواقع، وكان آخرها تلك التصريحات المتعلقة بنمو حجم التعاملات التجارية بين مصر ودول أفريقيا، وتصريحات أخرى عن تزايد حجم التجارة مع الولايات المتحدة الأمريكية.. فى حين أنها لا تتخطى كونها تصريحات للاستهلاك الإعلامى، فما يقال عن التعاون مع دول أفريقية اعتدنا على سماعه، فكلما وجدنا أنفسنا أمام أزمة حقيقية بين دول القارة الأفريقية نفاجأ بسيل من التصريحات عن العلاقات القوية والتبادل التجارى، وما إلى ذلك، وحينما ندخل فى الجد تتبخر التصريحات ويكون مصيرها النسيان، وتتحول إلى مجرد حبر على ورق.. أما زيادة حجم التبادل التجارى مع أمريكا فهو لم ولن يكون نتيجة تحركات واتصالات قام بها الوزير منير فخرى عبدالنور، وإنما هى انعكاس طبيعى للتحرك الدبلوماسى الخارجى الذى يقوم به السيد الرئيس، وحرصه على التحرك فى جميع الاتجاهات من أجل إجراء ما يسمى بتوازنات القوى الإقليمية.

والحق يقال إننى أكاد أجزم بأن اختيار منير فخرى عبدالنور وزيرا للصناعة قد جاء عن طريق الخطأ، وإلا فبماذا نبرر عدم نجاحه فى إحداث أى إنجاز يذكر حتى الآن، سواء فى وزارة الصناعة والتجارة أو فى وزارتى السياحة والاستثمار من قبل.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة