البعض يبدى دهشته من وجود مؤيدين لداعش وإرهابها، أو يبدون دهشة من عجز العراقيين عن مواجهة عصابات مسلحة، المندهشون لا يعرفون كيف تم التمهيد لصناعة مجتمع تائه تأكله الطائفية والعرقية، ويشك فى بعضه، عن طريق قيادات وكتاب وسياسيين تتم صناعتهم، فيتحولوا إلى مقدمات للغزو. نقول هذا بمناسبة ظهور ممولى إرهاب قطريين يمولون صحفا فى لندن وفضائيات بتركيا ومدن أوروبا، كل هذا ونجد من يسعى للتشويش على كل هذا.
عند غزو العراق فى 2003، تحدث جورج بوش عن أسلحة الدمار و«الدمقرطة»، وبعد 11 عاما لم تظهر أسلحة دمار ولا ديمقراطية، وإنما الطائفية والعرقية تمت صنعهما بهدوء وتعمد، من خلال فضائيات وصحف ومواقع وقيادات سياسية تربت بالخارج فى مؤتمرات وصحف وفضائيات فى دول عربية وأوربية.
كان دور هذه القيادات بسيطا، تغذية الطائفية والعرقية، وصناعة حالة تشويش، كان أحمد الجلبى تلاحقه اتهامات بالفساد وغيره قيادات تم اختيارها بشكل طائفى، ولم يخف الأمريكان أنهم أعدوا هؤلاء وأنفقوا عليهم ليحتلوا المقدمة، بل إن بريمر يتحدث عنهم باحتقار فى مذكراته، وأنهم كانوا نهمين للمال ولا يمانعون من فعل أى شىء.
بدأت التفكيك فى العقول أولا ثم انتقلت إلى الدولة، وتكشف مذكرات بول برايمر، أول حاكم عسكرى للعراق، كيف تم التفكيك، حتى رغما عن بريمر نفسه، وتحويل العراق إلى جزر متصارعة.
بعد سقوط صدام حسين، تم زرع محطات الفضائيات الشيعية والسنية والكردية، عشرات ومئات مع مواقع وصحف كلها كانت تمول أمريكيا أو سنيا أو إيرانيا، أنتجت مجتمعا يكره بعضه، لدرجة أن هناك من يبرر لداعش أفعالها بدعوى أن الشيعة كانوا يعذبون السنة ويسجنونهم، الأمريكان استغلوا الوضع فى غياب أى مؤسسة سياسية وحتى القيادات تم اختيارهم ممن تربوا فى الخارج وليس من معارضى صدام والبعث، النتيجة مجتمع مهلهل ومفكك، يكره بعضه، وينشر الكراهية، ويقتل على الهوية، يعجز عن فهم ما يجرى وسط عشرات القنوات ومئات الفضائيات التى تنشر الكراهية وتبرر القتل، حتى إذا وقعت جريمة طائفية يمكن توقع رد فعل القنوات والصحف كل حسب تمويله وهويته.
والمثير أن بعض كبار المنظرين عندنا انتشروا فى دول عربية وأوروبية يفعلون ما فعله العراقيون فى وقت تظهر فيه خيوط العلاقات بين ممولى إرهاب قطريين يمولون إعلام مهاجر، ومنظمات فى أمريكا تمول الإرهاب والإعلام وتدافع عن الإرهابيين، وتتصل كل هذه الخيوط مع بعضها مثل شبكات الصرف التحتية، ويظل بعض المنظرين يسخر من قول إننا «مش زى العراق»، ويكتب ذلك فى صحف لندن وفضائيات تركيا.