أجرت الشاعرة والصحفية اللامعة سارة علام تحقيقا بالغ الجرأة نشر فى «اليوم السابع» أمس الثلاثاء، عنوان التحقيق (موسم خلع الحجاب)، جرأة التحقيق تكمن فى اقتحامها منطقة شائكة فى حياتنا الاجتماعية منذ ثلاثة عقود أو أكثر قليلا، فالمصريون لم يعرفوا الحجاب بشكله الحديث إلا مع نهاية سبعينيات القرن الماضى.. إذ بدأ يتسلل ببطء بين المصريات اللاتى ذهبن مع أزواجهن إلى بلدان مجاورة وعُدن بالمال وغطاء الرأس والتسجيلات الدينية الغريبة (تأمل من فضلك ملابس النساء العادية فى أفلام الثلاثينيات حتى الثمانينيات، إذ كن بلا غطاء للرأس ومحتشمات)!
مع الوقت وتراجع الأفكار المستنيرة وازدياد الفقر، وتنامى الإحباط العام، وجد الإخوان وأنصارهم أن الفرصة سانحة ليروجوا لأرائهم السياسية بعد أن يغلفوها بسوليفان من التدين الشكلى، فبات الحجاب إشارة إلى انتماء صاحبته - بمعنى ما - إلى التيارات المتأسلمة، وكما قال مرة عصام العريان القطب الإخوانى الشهير: إنه كان يفرح عندما يقف على باب مدرسة بنات ويرى ازدياد أعداد المحجبات ويعلن: (نحن - يقصد الإخوان - نتزايد)!
أرجو أن تتذكر أن الدولة أسهمت بنصيب كبير فى السماح لهذه الجماعات بالتمدد والانتشار، وتدمير العقول، حيث بات ارتداء الحجاب مشكلة مصر القومية، وأصبحت الفتاة التى لا تغطى شعرها خارجة عن الملة، ولم يفكر، لا الإخوان ولا دولة مبارك، فى أن العالم يتقدم.. يخترع.. يبتكر، بينما نحن نعيش فى غياهب الماضى نجتر أفكارًا رددها أجداد أجدادنا منذ ألف عام.
لم يناقش جميع المروجين للحجاب المسألة الأكبر.. لماذا نحن متخلفون؟ وإلى متى سيظل المسلمون عالة على الحضارة الحديثة، نستخدم ثمار التكنولوجيا التى أنتجها الغرب، ولا نعرف كيف نخترعها، بينما يصرخ الدعاة إياهم فى الفضائيات - التى لم يخترعوها - طالبين من المرأة العودة إلى الله عن طريق الحجاب، وقد تناسى هؤلاء أن ديننا الإسلامى العظيم يدعو إلى العمل ويحرض على التفكير، ويرفض أن يظل أتباعه مجرد مستهلكين لفواكه الحضارة الحديثة، ولا يشاركون فى صنعها.
التحقيق الذى أجرته سارة يكشف أسرارًا خطيرة عن الحجاب وفرضه وخلعه بعد ثورتى يناير ويونيو، فليتك تطالعه!