استفز الحادث الإرهابى على كمين كرم القواديس المشاعر الإنسانية والوطنية للمصريين جميعا، وفى مقدمتهم الرئيس السيسى، الذى تحدث بحسم وغضب وحزن عن مواصلة الحرب المشروعة ضد الإرهاب الذى يهدد الوطن والدولة المصرية، وعكس خطاب الرئيس الطاقة الهائلة من التحدى والغضب التى اجتاحت كل عقول وقلوب المصريين، فى لحظة تاريخية أتوقع أن تكون الفصل الأخير فى معركة القضاء على الإرهاب فى سيناء.
وأنا واثق أن مصر قادرة على الانتصار، خاصة بعد اتخاذ إجراءات أمنية جديدة للقضاء على الأنفاق غير المشروعة التى تهدد أمننا القومى، وتسارع عجلة العمل والحسم فى صفوف جيشنا العظيم، وبالتوازى مع ذلك أسرع رؤساء تحرير الصحف الحكومية والخاصة لعقد اجتماع مشترك صدر فى نهايته بيان مهم وفارق فى تاريخ صحافتنا، كما اجتمع ممثلو اتحاد الإذاعة والتليفزيون والقنوات الخاصة وأصدروا بيانا مشتركا، ولا يتسع المقال لمناقشة مضمون البيانين، خاصة بعض العبارات التى قد تفسر بطريقة تقلص من حرية الإعلام وحق النقد لذلك سأكتفى بإثارة ثلاث ملاحظات على سياق هذين الاجتماعين:
الملاحظة الأولى أن اجتماع ممثلى إعلام الدولة والإعلام الخاص يسلم بطريقة ضمنية بمسؤولية الإعلام عن الحوادث الإرهابية ومنها الحادث الأخير، وتقصيره فى علاج ملف الإرهاب، وهذا غير صحيح، فالإعلام العام والخاص رغم كل مشاكله وعيوبه- كتبت عنها كثيرا فى هذا المكان- لم يقصر فى معركة المجتمع والدولة ضد الإرهاب، بل ولعب دوراً بالغ الأهمية فى فضح أفكار الإخوان والجماعات الإرهابية، وتوعية الرأى العام بمخاطر الفكر المتطرف والسلوك الإرهابى للإخوان وغيرهم من جماعات استغلال الدين وتوظيفه لممارسة القتل والعنف. صحيح وقعت بعض وسائل الإعلام فى أخطاء مثل المبالغة والتفكير بالعواطف والأمنيات، وكثرة الاستعانة بخبراء أمنيين ليسوا بخبراء، ولا حتى أمنيين، إلا أن الأداء العام للإعلام فى معركة الوطن ضد الإرهاب كان جيدا ومؤثرا.
الملاحظة الثانية: إذا سلمنا بأن الإعلام غير مسؤول عن الإرهاب، لأن هناك عوامل كثيرة تنتج الإرهاب، كما أن الإعلام قام بدروه فى الحرب على الإرهاب، فإن من واجب الإعلاميين الاستفادة من حالة الاصطفاف الوطنى ضد الإرهاب لتنظيم صفوفهم وتطوير أداء الإعلام، من خلال الاتفاق على آلية منتظمة للحوار والنقاش لإصدار ميثاق شرف إعلامى ومدونات سلوك للتغطيات الإعلامية وحدود المنافسة والسبق الإعلامى بما لا يتعارض مع مقتضيات الأمن القومى، وفى الوقت نفسه حرية الإعلام وحق المواطنين فى الحصول على المعلومات. وهنا أخشى أن يقتصر اهتمام الإعلام العام والخاص على إصدار بيانات، أى أن ينتهى الأمر إلى مجرد كلام ووعود لاينفذ منها شيئا.
الملاحظة الثالثة: استمرار التفكير والعمل فى الإعلام بطريق تقليدية قديمة تقوم على الفصل بين مختلف وسائل الإعلام، فالصحافة المكتوبة عقدت اجتماعا مستقلا، بينما عقدت قنوات الإذاعة والتليفزيون اجتماعا مستقلا، وكنت أفضل أن يضم الجميع اجتماع واحد، يضاف إليه المواقع والصحف الإلكترونية المؤثرة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة