لست مع ما فعله الروائى المعروف الدكتور يوسف زيدان فى إعلانه اعتزال العمل الثقافى، احتجاجًا على قرار رئيس الوزراء إبراهيم محلب بتعيين إسماعيل سراج الدين مستشارا ثقافيا له، صحيح أن قرار محلب صادم للكتلة الرئيسية من المبدعين المصريين، كما تقصيت الأمر، لأن هناك قضايا لم تحسم بعد مرفوعة ضد المستشار الجديد، الأمر الذى يبرر لزيدان احتجاجه العنيف، لكن الأخطر أن قرار رئيس الحكومة يكشف عن أنها مازالت تمارس النهج نفسه، الذى كانت تمارسه حكومات مبارك، وهو إبعاد الشباب عن المناصب القيادية المهمة، والاستعانة برموز العهد المباركى البائس لإدارة شؤون الدولة!
فإذا أضفنا إلى انسحاب زيدان ولامبالاة العديد من المثقفين بما يجرى فى الشأن العام، علاوة على إحباطات الشباب المتنامية.. إذا سددنا البصر إلى هذا كله، سنكتشف بسهولة أن هناك أمرًا خطيرًا يحدث فى مصر، قد تنجم عنه أمور أخطر إذا لم ينتبه أولو الأمر، فواجب السلطة أن تعمل على تمتين الروابط بين فئات المجتمع وطبقاته، وفى المقدمة كوكبة المثقفين والمبدعين المحترمين، لا المنافقين المبتذلين. أجل.. إن مصر تخوض حربًا شرسة ضد الإرهاب الذى تفرزه جماعات الترويع والتهديد والقتل باسم الدين، وهى حرب مشروعة لم تتعرض لها مصر من قبل، إذ إن أعداءها حفنة مشبوهة من أبنائها، مدعومة بقوى محلية وإقليمة ودولية، ومع ذلك كى تنتصر مصر فى هذه الحرب عليها أن تحتضن أبناءها المؤمنين بثورتى يناير ويونيو، لا أن تخاصمهم وتبعدهم عنها، فى الوقت الذى يطفو على السطح رموز نظام مبارك ليلعنوا ثورة يناير المجيدة، ويسبوا الشعب «21 مليونا خرجوا فى وقت واحد» الذى ناضل ضد طاغية وحزبه المنكوب.
لا حل أمام السلطة سوى أن تفتح منافذ لدخول تيارات الهواء السياسى الصحى، فهى فى حاجة ماسة إلى تأييد ودعم من قبل كتل لها احترامها ومواقفها النبيلة والشريفة، وإذا كان رجال القوات المسلحة والشرطة يقومون بمهام بطولية فى سيناء لاقتلاع الإرهاب من جذوره، فالأولى أن يستعين النظام بالمثقفين المحترمين فى حربه هذه، بدلا من تركهم يعلنون الانسحاب بمرارة!