إذا كنا جميعا نتفق على أن الدعوة للانتفاضة المسلحة يوم 28 نوفمبر تستهدف فى المقام الأول إثارة الفزع بين المواطنين، مع تكالب الصحف والفضائيات على تغطية الحدث وتطوراته المفتعلة ومؤامراته التى أصبحت معلنة مكشوفة. وإذا كنا نتفق حول استخدام الإرهابيين ومن يؤيدونهم لوسائل الإعلام بصورة غير مباشرة فى نقل وترويج أخبارهم ومزاعمهم ودعاواهم التحريضية بهدف تخويف الناس وتصوير البلد على أنها لا تتعافى من مرحلة عدم الاستقرار. وإذا كنا نتفق على أن فى تجاهل أخبار التكفيريين وبياناتهم وفيديوهاتهم المفبركة وأخبار عملياتهم وفتاواهم المريضة القضاء الفعلى على نسبة كبيرة من الإرهاب الذى يتنفس الإعلام ويعيش عليه، فلماذا لا نجمع نحن الإعلاميين فى المواقع الإلكترونية والصحف المطبوعة والفضائيات على مقاطعة جميع أخبار التكفيريين والمتطرفين ومظاهراتهم يوم 28 نوفمبر، ونعتمد فقط البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية.
مقاطعة كل أخبار الإرهابيين والتكفيريين يوم واحد لن تؤثر فى صناعة الصحافة ولن تضر بالمهنة، ولن يحجب شيئا ذا بال عن القراء والجماهير، بل على العكس من ذلك ستجعل صفحات المواقع الإلكترونية والصحف أكثر إنسانية وأرحم بالقراء وأكثر قربا من واقع الحياة بتفاصيلها الغنية، كما أن عملية المقاطعة نفسها تصب مباشرة فى دعم المسؤولية الوطنية لدى الإعلاميين وتفرض منهجا جديدا فى حصار أعداء البلد.
الأمر لا يحتاج إلى طول تفكير، ولكنه يحتاج إلى رؤية وبصيرة لنجيب عن السؤال: ماذا نقدم كصحفيين وإعلاميين وما هى رسالتنا؟ وما هو الموقف الواجب اتخاذه لتدعيم مسيرة الوطن وإفادة الناس فى هذا التوقيت؟ ليس أقل من أن نحرم التكفيريين وأعداء البلاد من سلاح يستخدمونه بإفراط لمحاولة الإيهام بأن مصر بلد يقترب من حافة الفوضى، وأن الصراعات المسلحة تدور فى الشوارع، وأن من الخطورة انعقاد المؤتمرات الاقتصادية الكبرى على أراضيها.
تخيلوا معى كل المواقع الإخبارية وصفحات الصحف والفضائيات، خرجت علينا فى 28 نوفمبر بالأخبار الخدمية المفيدة ومساعى الحكومة لحل مشكلات المواطنين فى المحافظات والقطاعات الإنتاجية المختلفة، والمعروض من الأراضى ووحدات الإسكان والمشروعات الصغيرة وتسهيلات الاستثمار، والقصص المصورة وأخبار العلوم والتكنولوجيا وآخر مواقف الفرق الكبرى فى الدوريات الأوروبية إلخ ألن يكون يوما ألطف وأجدى؟
اطفوا النور على أعداء البلاد وقاطعوا كل أخبارهم ومظاهراتهم وجرائمهم المحتملة، ليسقطوا من تلقاء أنفسهم.