انتقد الكثيرون تصريح الرئيس السيسى خلال جولته الأوروبية، والذى أكد فيه استعداده لإرسال قوات مصرية إلى دولة فلسطين حال قيامها، وقال البعض إن هذا تمهيد لإرسال قوات لحماية إسرائيل من الهجمات الفلسطينية، وامتدت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى لتشمل كل أنواع المزايدة البعيدة تماما عن التحليل الموضوعى للتصريح وأهدافه وتوقيته ومكانه.
ونسى المزايدون أن إرسال القوات لدولة فلسطين له شرط رئيسى لتحقيقه بحسب التصريح، وهو قيام هذه الدولة الفلسطينية واعتراف إسرائيل بها، أى بمعنى آخر الوصول لحل نهائى للقضية الفلسطينية بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ولقد حاربت مصر عدة حروب فقدت خلالهم زهرة شبابها من أجل هذا، وأعتقد أن إرسال قوات إلى هناك يعد ثمنا زهيدا من أجل تحقيق هذا الهدف، إذا قورن بحجم الدماء التى قدمناها من أجل فلسطين.
وبالطبع نسى الجميع أن إسرائيل لن توافق على هذا أساسا وإلا لوافقت منذ زمن، كما أنها لن توافق على إرسال قوات مصرية إلى قلب فلسطين، وإذا كانت إسرائيل تتشدد فى الموافقة على إرسال قوات إلى العريش من أجل محاربة الإرهاب هناك - ولولا سياسة الأمر الواقع التى اتبعتها مصر لما دخلت القوات الموجودة الآن بسبب تشدد إسرائيل - فكيف ستوافق على وجود عسكرى مصرى فى قلب فلسطين.
لقد كان للتصريح عدة أهداف، أولها إحراج إسرائيل من أجل دفعها فى اتجاه تحريك القضية الفلسطينية للوصول إلى حل، وهذا بدوره أساس حل مشكلة الإرهاب فى مصر والعالم إذا كنا نريد أن نقضى عليه من جذوره، وكذلك المناورة بهذه الورقة مع الأوروبيين من أجل تحقيق أهداف الجولة الأوروبية، وكل هذا بالطبع يساهم فى استعادة مصر لمكانتها العالمية التى فقدتها خلال حكم مبارك.
إن السياسة الخارجية لمصر منذ الثلاثين من يونيو وحتى الآن جيدة للغاية، وأعتقد أن وزارة الخارجية من أكثر وزارات الحكومة مهنية خلال الفترة الماضية، ولكن للأسف تعاطى الحكومة مع الكثير من الملفات الداخلية لا يرتقى للأداء على المستوى الخارجى، خصوصا فى الاعتماد على الحل الأمنى فى ملف الإرهاب والجماعات الدينية وإهمال الحل السياسى، وكذلك بطء تحديث الهيكل الإدارى للدولة، والفشل فى احتواء الشباب والتماهى مع طموحهم، وكل هذا يحد بقوة من انطلاقة مصر نحو استعادة مكانتها العالمية التى بدأت مع ثورة يناير.
عدد الردود 0
بواسطة:
إسلام فهمى
المؤامرة الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة