إبراهيم عبد المجيد

كيف سيكون اليوم؟

الجمعة، 28 نوفمبر 2014 07:08 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ضحك وقال لى:
أمضيت اليوم كله خارج البيت.
- لماذا؟
- قلت آخد حقى من الخروج، أنت عارف أنى لا أخرج إلا يوم الجمعة، قلت اخرج اليوم الثلاثاء بدل الجمعة.
- طيب كنت أخرج السبت علشان لو اتقابلنا نلاقى حاجة نتكلم فيها.
- ماهو السبت حكم النقض فى أمر مبارك، إما تأييد الحكم السابق وإما براءة، يعنى مش فارقة.
- ضحكت، وتطلعت للصحف القديمة التى مازالت لاتفارقه. قلت: يعنى اليومين يعلم بيهم ربنا.
- تقريبًا.
ضحكت من جديد. كان هويشرب قهوته فطلبت لى قهوة من الجرسون المار أمامنا وقلت:
- هذه ليست أول مظاهرات.
- هذه أكبر كذبة.
قال ذلك بحدة لم أتعودها منه فسكتّ قليلا وقلت: حقا، كل مظاهرات الإخوان المسلمين والسلفيين بعد ثورة يناير كانت أكاذيب، كانت من أجل مصالحهم الخاصة التى يسمونها الإسلام وهى ليست بالإسلام فى شىء.
سكتنا قليلا وبدا شاردا للحظات ثم قال: لكنى لا أقصد ذلك.
أحسست بالحيرة فقلت: ماذا تقصد؟
- أقصد حكاية رفع المصاحف التى يدعون إليها.
أدركت ماذا يقصد واستمر يتحدث: منذ أن رفع جنود معاوية المصاحف فى موقعة صفين لم يهنأ المسلمون، كل ما نحن فيه من انقسام واستغلال بشع للدين منذ هذا اليوم وهذه الموقعة.
- تقصد الخوارج.
- أجل، مشت أفكارهم وأيدها وأضاف إليها فقهاء من نوع ابن تيمية وأصبحوا مع الزمن مرجعية للتطرف والإرهاب.
- لكن الظلم أيضا يصنع التطرف.
- هل قلت لك لا؟ لكن قامت ثورة فى يناير خدع الإخوان والسلفيون الناس، هل تذكر يوم قندهار؟
ضحكت. قلت: من ينسى هذا اليوم؟!، جئت هنا بسيارتى وزوجتى معى، ركنا السيارة فى الشارع الخلفى، كان العشرات منهم نائمين فوق الرصيف كروشهم عالية وذقونهم على صدورهم، كانت الساعة الحادية عشرة صباحا لكنهم تعبانين من السفر من الأقاليم.
- وهل حدث شىء؟
ضحكت وقلت: أبدا، زوجتى فتحت الباب فرأتهم جوار السيارة على هذا الحال فهتفت فىّ «يالهوى مش لاقى غير المكان دا تنزلنى فيه».
ضحك. قال: منظر غير مألوف طبعا لامرأة خاصة بهذا العدد، لكن هل تذكر لماذا كان حضورهم إلى الميدان من كل مصر؟
- احتجاجا على وثيقة الدكتور على السلمى التى كان للجيش فيها بعض المزايا فى الحكم.
- وماذا حدث؟
- استجاب لهم المجلس العسكرى ذلك الوقت وسحب الوثيقة، ثم حين وصل الإخوان المسلمون إلى الحكم أعطوا الجيش أكثر مما كان يفكر أحد.
- شفت. مصلحتهم فقط. لا يهمهم دولة مدنية ولا يحزنون، كل ما يقولونه كذب وخداع، على طريقة التقية الشيعية.
سكت قليلا وقلت: لكن هذا لا يلغى حقهم فى التظاهر، قانون التظاهر أكبر سوءات النظام الحالى.
- أنا معك، ومعك فى أن هذا القانون سيئ جدا، لكن أنا أتحدث عما هو أخطر من المظاهرة، رفع المصاحف.
- أعرف، ستسقط المصاحف ويداس عليها بالأقدام وهو المطلوب.
نظر فى ساعته وقال مندهشا: معقول؟ الساعة الآن الواحدة صباحا، لقد مر اليوم بسرعة، كل هذا الوقت قضيته هنا؟!
- الأيام بتجرى منذ ثورة يناير.
- سكت قليلا وقال: لن تخرج مثلى؟
- زوجتى حتطبخ عدس، عدس بعدس يعنى.
ضحك بقوة وراح يسعل ثم قال: كما أنهم هددوا بالهجوم على المؤسسات وغيرها من البنايات الحكومية هكذا بوضوح بشع دعوة إلى العنف تحت رفع المصحف الشريف، ولم يحتجوا يوما على قمع المظاهرات السلمية للشباب.
سكت لحظات وقلت: أخشى على الكنائس أيضا، إنهم يرون أن الحرب الطائفية طريقهم للاستيلاء على الحكم، خراب مصر يعنى، كأن العالم سيسمح بذلك.
- العالم قد يسمح وقد يريد هذا، لكن المصريين لن يسمحوا.
سكتنا من جديد وقلت فجأة: لكن فرصة ألا ينزلوا إلى الشارع موجودة أيضًا.
- تقصد لأن الداخلية قبضت على بعضهم.
- هذا جانب، لكن لأنهم قد يكون هدفهم ابتزاز الدولة والاتفاق على بعض المكاسب فى السر وتنتهى القصة.
- هذا زمن انتهى، من الصعب التفكير على هذا النحو، لقد حرقوا كل أوراقهم، وإذا حدث تكون حماقة من الدولة لأن إعادة التاريخ تكون مسخرة.
- طيب والحل؟
- إذا خرجوا فعلا على الداخلية أن تكون ذكية، يعنى لا تستخدم الرصاص ولا حتى الخرطوش.
- يمكن، لكن أخشى أن يستفز الداخلية أحد منهم ويلقى عليهم أى سلاح فتكون الفوضى.
عدنا إلى الصمت بعمق هذه المرة، قلت: بصراحة الأمر محير جدا، سمعت أن هناك قضية مرفوعة من أحد الأشخاص لمنع التظاهر يوم الجمعة.
- اسمع، كل دا مالوش معنى، رغم قلقى ستكون مظاهرات خائبة وقليلة العدد، هذا ما يطمئننى، اشرب القهوة.
- لم يأت بها الجرسون بعد.
قلت ذلك وابتسمت، فقال: لابد من إيقاف قانون منع التظاهر هذا.
- المحكمة الدستورية ستنظره الشهر المقبل.
- لو لم يكن هذا القانون كانت المظاهرات ستقل مع الوقت، الآن لا تقل بسبب نتائجه.
انتبهت إلى شىء وقلت ضاحكا: لا إله إلا الله، لم يكن لك حديث فى السياسة وتعيش مع الصحف القديمة فى الماضى، ما الذى غيرك هكذا وبهذا الشكل؟
- القرف الذى نعيشه.
- حتتعدل، صدقنى، هى كده الثورات.
- أنت اللى فتحتنى فى الكلام، اشرب القهوة.
كدت أقول لم يأت بها الجرسون من جديد لكن الجرسون كان أمامى يضع القهوة ويقول:
- على فكرة حنقفل يوم الجمعة ونفتح السبت.
نظرنا إليه فى دهشة فقال: ويمكن نقفل السبت كمان ونفتح الأحد علشان محاكمة مبارك، أيام أغمق من البن.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة