هارولد إيفانز، رئيس التحرير السابق لصحيفة «تايمز» البريطانية، الذى تخصص فى التاريخ الأمريكى ونشر كتابه الشهير «القرن الأمريكى» وصف السيناتور الجمهورى جوزيف مكارثى، الذى دشن خلال الحرب الباردة حالة غير مسبوقة من الإرهاب الفكرى اصطلح على تسميتها «المكارثية» خلال الفترة بين عامى 1947 و1957 ووصفها إيفانز بأنها أشاعت أجواء مُرعبة للمفكرين بدولة الحريات، فالسيناتور الذى كان أصغر أعضاء مجلس الشيوخ (38 سنة) خطب يوم 9 فبراير 1950، بذكرى الرئيس إبراهام لنكولن، وزعم أن «وزارة الخارجية أصبحت مليئة بالشيوعيين جواسيس روسيا»، ورفع ورقة قائلاً إنها قائمة تشمل 205 شيوعيين، وبعدها حقق مكتب التحقيق الفيدرالى مع قرابة ثلاثة آلاف دبلوماسى.
تتصاعد المناقشات بشبكات التواصل الاجتماعى، وعقب حوار بشأن أزمة الإعلام فوجئت بشاب يتهمنى بموالاة الإخوان، ورغم أنها «نكتة سمجة» التزمت الصبر وسألته عن عمره لأكتشف أنه مواليد 1995 ، حين كنت ضابطًا بمكتب وزير الداخلية، وأصدرت كتابى الأول (أمراء ومواطنون) ورصدت خلاله تجربة مواجهة «إرهاب التسعينيات» الذى تصديت له بمسدسى قبل قلمى قبل ولادة الشاب المتشنج.
شعرت بعبثية المناقشة ونصحته بالبحث باسمى بمحركات البحث ليعرف أننى آخر مصرى يُمكن اتهامه بالأخونة، لكنى استشعرت «مناخ المكارثية» الذى يسود المجتمع حاليًا، وبالطبع فهذه الأجواء ليست وليدة الصدفة، لكنها نتيجة عوامل شتى، وتدخلت «جهات ما» لتهيئ نفوس الشباب الذين ألتمس لهم الأعذار فتجربة حكم الإخوان وإرهابهم المستمر بائسة وكفيلة بإفراز متطرفين بالجانب الآخر يوزعون «صكوك الوطنية»، مقابل «صكوك الغفران» التى يوزعها الإخوان وأزلامهم.
لكن انتشار «محاكم التفتيش» لمفكرين وإعلاميين وسياسيين وطنيين، واتهامهم بأنهم «خلايا إخوانية» حتى فلول «الحزب الوطنى» المنحل، يمارسون الإقصاء لمعارضى نظام مبارك، وتشتعل بوسائل الإعلام حملات التحريض والكراهية لتعمق الاستقطاب السياسى والاجتماعى.
ولنحظى بصك الوطنية علينا الاعتذار لمبارك وحبيب العادلى الذى يعتبره البعض أفضل وزراء الداخلية رغم إدانته قضائيًا، واتهامه بقضية محجوزة للنطق بالحكم، وفشله فى حماية النظام الذى أبقاه 14 عامًا بمنصبه، ويُدرك الذين عملوا بالشرطة حجم الفساد الذى مارسه ويحاكم بسببه، والتفريغ المُنظم لأجهزة الأمن من الكفاءات لصالح المحسوبيات.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صديق الحكيم
أول مرة أقرأ لك