المؤتمر الاقتصادى المقرر عقده فى فبراير المقبل فى شرم الشيخ فرصة تاريخية واستثنائية أمام مصر لعرض كل ما لديها من مشروعات قومية وفرص استثمارية على أكبر تجمع لكبار المستثمرين من الشركات العالمية وصناع القرار الاقتصادى فى العالم وأصحاب الأعمال الكبرى فى المنطقة وخارجها، لجذب الحصة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر التى لديها كل الإمكانات الطبيعية والبشرية الجاذبة للاستثمار العربى والأجنبى ولا ينقصها سوى الإرادة فى تهيئة البيئة التشريعية والاقتصادية والتنفيذية القادرة على تشجيع أصحاب الأموال والمستثمرين، فالدولة قد تصدر التشريعات الخاصة بقوانين الاستثمار وضمان حقوق المستثمرين وإعادة النظر فى ترسانة القوانين المعرقلة للاستثمار، لكن المشكلة تكمن فى البيروقراطية الصغيرة من صغار الموظفين التى تقف ضد أى تطوير وتسعى إلى «تطفيش» من يفكر فى المجىء إلى مصر لضخ أمواله فى مشروعات استثمارية، وهذه هى المعركة الحقيقية إذا أردنا أن تكون الاستفادة من المؤتمر الاقتصادى المقبل، فى أقصى صورة لها.
المشكلة دائما لا تكمن فى إصدار القيادة العليا للبلاد تشريعات وقوانين وقرارات لجذب الاستثمار والمستثمرين ولكن تكمن فى القائمين على تحويل هذه القوانين إلى واقع على الأرض بشكل ينسجم مع تصور القيادة السياسية والتنفيذية سواء كان رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء. والأمثلة المحزنة فى هذا الصدد كثيرة ومتعددة، وبعض رجال الأعمال فى الدول العربية «صدقوا» فى الماضى دعوات الاستثمار فى مصر وتشجيعهم على ضخ أموالهم ثم اصطدموا بالفساد الإدارى والبيروقراطية الصغيرة فعادوا من حيث جاءوا.
بالتالى المؤتمر الاقتصادى قد يكون فرصة ذهبية لمصر لجذب الحصة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية إليها فى حالة القضاء على المعوقات الصغيرة أمام رجال الأعمال والشركات الأجنبية، وقد لا تستفيد منه مصر بشىء إذا لم تحدث «ثورة» حقيقية فى سفح الجهاز التنفيذى للدولة، خاصة فى جهاز المحليات المترهل والذى تغول بفساده داخل جسد الدولة المريض. حصة مصر الآن من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لا تليق بحجمها كدولة إقليمية عظمى ولا بفرص الاستثمار فيها، فالرقم 6 مليارات دولار خلال العام الماضى لا يقارن بدول أخرى صغيرة فى المنطقة استطاعت تجاوز هذا الرقم بكثير.