بخطى ثابتة وبقدمين مسرعتين يسير رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، على درب الرئيس المعزول «محمد مرسى» لصبغ «الهوية الدينية» على الحياة السياسة للدولة واستبدال الهوية الديمقراطية بأخرى يهودية، وتغليب الطابع الدينى على المدنى، وهو الأمر نفسه الذى نجح فيه «المعزول» خلال حكمه لمصر بمساعدة «السلفيين» بفرض الهوية الدينية على «الدستور المصرى» الذى تم إبطاله عقب عزله بثورة شعبية ضخمة فى 30 يونيو الماضى.
نتنياهو، يسير على طريق فشل مرسى بمصادقته على قانون «القومية اليهودية» العنصرى والمثير للجدل فى مجلس الحكومة الإسرائيلية السابق، رغم معارضة إسرائيلية حادة خاصة من «أحزاب الوسط» المشاركة فى ائتلافه الحاكم مع دعم جارف من «أحزاب اليمين» الدينية المتشددة له.
فالخطوط تتشابه بشدة بين القانون الإسرائيلى الجديد المقترح والدستور المصرى السابق الذى حاول المعزول من خلاله فرض «الهوية الإسلامية» على الدولة وتقويض الهوية المصرية، فهناك 3 عناصر فى مشروع القانون الإسرائيلى تتشابه مع نظيره المصرى السابق وهو «أن إسرائيل هى دولة الشعب اليهودى، وأن اللغة العبرية هى اللغة الرسمية والشريعة اليهودية هى مصدر القانون والقضاء الإسرائيلى»، وهو الأمر نفسه فى البند الثانى من مشروع الدستور المصرى «المبطل» والذى جاء فيه: «الإسلام هو دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع».
وتأتى أوجه الشبه أيضا فى مشروع نتنياهو، الذى يفضل فيه الجانب اليهودى للدولة على الجانب الديمقراطى فيها، أن نتنياهو رضخ لمطالب «اليهود المتدينين»- الحريديم- كما فعل مرسى برضوخه لمطالب «السلفيين»، فكما وقع مرسى تحت طائل ضغوطات كبيرة من «المتطرفين السلفيين»، كان حال نتنياهو أيضا مع أحزاب اليمين المتطرف أمثال حزب «البيت اليهودى» الدينى المتطرف، ولم يختلف «الحريديم» كثيرا عن «السلفيين» وعناصر جماعة «الإخوان» الإرهابية، فالصفات المتشددة التى تحملها الأحزاب الدينية فى إسرائيل تتشابه مع نظيرتها المصرية، والصفة البارزة من تلك الصفات هى تلك التى تمثلت فى إصرارها على تمرير المادة 219 من الدستور المصرى المصرى الذى تم تعطيلة بعد ذلك والذى نص على: «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة»، والتى لم تختلف كثيرا عن بنود قانون «القومية اليهودية» الجديد. ويأتى شعور الكثير من المثقفين والليبراليين الإسرائيليين الرافض بشدة لقانون «القومية اليهودية» متشابها بصورة كبيرة مع المثقفين المصريين الذين أكدوا أن البنود التى وضعها مرسى فى الدستور السابق لا تدفع نحو تحقيق المساواة بالحقوق، بل إنها تناقضها تمامًا.
وكان النقاش حول الدستور المصرى السابق هو الذى قاد فى نهاية الأمر إلى سقوط مرسى وعزله، مما جعل رئيس جهاز الأمن العام الداخلى الإسرائيلى «الشاباك» السابق، يوفال ديسكين، يحذر نتنياهو من أنه قد يسقط للأسباب نفسها، مشيرا إلى أن نظام ما بعد 30يونيو فى مصر، ترك البند الثانى من الدستور كما هو، وقام بإلغاء البند 219 وقام بتعديل هذه البنود ببنود أُخرى وتصريحات تتعلق بترجيح مبادئ الديمقراطية والمساواة. وشرح ديسكين ذلك قائلا: «أوضحت لجنة الدستور، التى عينها نظام ما بعد 30 يونيو، للشعب المصرى أنها ترى بالدستور أداة لتحقيق العدل الاجتماعى، كرامة الإنسان، الحرية والديمقراطية، الأسس التى قامت عليها الثورة»، مضيفا: «يا ليت نتنياهو يعدل قانون القومية اليهودية المقترح من خلاله دعمه للديمقراطية، وإن نتنياهو ووزراءه قد يستفيدون إن تأملوا التجربة المصرية، وإن طبقوا ما ذكره فيما يخص القانون الإسرائيلى».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة