فى كلمته أثناء حضوره المناورة (بدر 2014) قال الرئيس عبد الفتاح السيسى أول من أمس: (كل مسؤول ليس لديه القدرة على العمل والإنجاز ينسحب فورًا)، وهو قول سديد يطرح العديد من الأسئلة المؤثرة مثل: من له سلطة تحديد المسؤول الفاشل؟ وما هى المعايير التى يتبعها للحكم على مسؤول ما؟ وهل يقع عبء الفشل على مسؤول قليل الهمة معدوم الضمير أم أن المنظومة الإدارية فى مصر تتسم بخلل رهيب يجعلها لا تفرز سوى المسؤولين الفشلة؟
الحق أن مجمل عيوب مصر تنبع من أمرين: الأول غياب العدل الاجتماعى بمعناه الشامل، فليس من المنطق أن يعيش نحو 30 مليون مصرى تحت خط الفقر، أى أن دخل الفرد أقل من دولارين فى اليوم الواحد كما أقرته منظمة الأمم المتحدة، أقول ليس من المعقول هذا بينما هناك شريحة طبقية تمتلك المليارات تبعثرها كيفما تشاء، وهذه الشريحة لم تستحوذ على هذه الأموال الطائلة إلا من خلال المنظومة الاقتصادية الفاسدة المدعومة بقرارات سياسية تنحاز إلى الأثرياء على حساب الفقراء ومستمرة منذ أربعة عقود.
لذا ما إن يصل شخص ما إلى منصب كبير أو صغير حتى يصبح همه الأول التربح والاستفادة من هذا المنصب، إلا من رحم ربى، حتى يضمن لنفسه البقاء فى زمرة الميسورين، وحتى لا يسقط فى مستنقع الفقراء، ولعل هذا يفسر لك تكالب الناس على المناصب وتوريثها لأبنائهم إن أمكن (فى كل مجال للأسف الشديد زادت نبرة التوريث بصورة مخزية دمرت مبدأ تكافؤ الفرص تدميرا).
الأمر الثانى الذى يجعل من مصرنا العزيزة مستودعا للفوضى والإهمال ويدفع أى مسؤول شريف إلى اليأس من مواصلة العمل والحرص على الإنجاز.. هذا الأمر يكمن فى الزحام الشديد.. أجل.. فالزحام يحطم الأخلاق ويعيد الإنسان إلى سيرته الوحشية الأولى، ولا سامح الله حكامنا السابقين الذين تركوا القاهرة والإسكندرية تحديدا تتكدسان بالبشر حتى صارت العاصمة مثلا رديئا للمدن الفاشلة!
لقد فهمنا من كلام الرئيس أن المسؤول الفاشل عليه أن ينسحب، لكن هل يعرف أحد كم مسؤولا فاشلا فى مصر؟