تابعت باهتمام شديد حوار الإعلامى الأستاذ علاء الكحكى مع الصديق خالد صلاح على قناة النهار، الذى فجر فيه قضية الساعة الآن، وهى حماية الإعلام من التربص الخارجى المتمثل فى رؤوس أموال خارجية تسعى لاحتكار سوق الإعلان وصناعة الإعلام من بشر وأجهزة وتقنيات، وذلك لتهميش الفضائيات المصرية وسحب البساط من تحت أقدامها، وبالتالى تفقد مصر قوتها الناعمة التى تراكمت عبر عقود من الزمن والتى كنا ولا نزال نتباهى بها فى ظل انهيار صناعة الغناء والسينما والدراما لصالح منابر أخرى صنعها سوق البترو دولار منذ التسعينيات، والمشكلة هنا أن الإعلام الرسمى فقد تأثيره لأسباب ليس مكانها هنا، والنتيجة أن الإعلام المصرى الخاص هو الذى يتحمل مسؤولية الدفاع عن الدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية فى ظل حرب ضروس من الإخوان عالميا وداخليا، وارتباط الحرب الإعلامية على الجيش بما يحدث فى سيناء من إرهاب، وبما يحدث حولنا من تمزيق لمفهوم الدولة والجيوش النظامية، وأكد الرئيس فى أكثر من لقاء معه على هذا الدور الوطنى للإعلام الخاص المؤثر، ولم يمل من تكرار الدور والرسالة فى أكثر من لقاء وخطاب، من هنا جاء كلام الأستاذ علاء الكحكى ليدق ناقوس خطر شعر به، حتى إن المحيطين به أطلقوا عليه سلامة فى فيلم وإسلاماه من كثرة استخدامه لتعبير «التتار قادمون»، لكن من هم تتار الإعلام الذين يهددون صناعة الإعلام فى مصر؟ الحقيقة أننى أستعيد هنا كلام صانع آخر عظيم للفن المصرى، هو الأستاذ محسن جابر الذى يمتلك تراثا غنائيا يمثل ثروة قومية وعمود للهوية المصرية فى الفن والموسيقى والغناء، الذى قال مؤخرا فى حوار تليفزيونى: إن أحد الأمراء عرض عليه عقدا مفتوحا يضع فيه الرقم الذى يريده وملايين الدولارات ليحصل على التراث الغنائى الذى يمتلكه من أول أم كلثوم ووردة وفايزة وغيرهن من الأساطين حتى تراث عمرو دياب وأنغام وغيرهما، وكان شرط الشراء أن يتنازل جابر للأبد عن ملكيته، وألا يعود للعمل فى الإنتاج الفنى بكل أشكاله، وقال له مندوب الأمير: «تروح تشترى قصر عالبحر وتستمتع بحياتك بالملايين».
والخلاصة أنه رفض العرض لأنه، حسب كلامه، متعته ليست فى جمع المال، وإنما فى تقديم إبداع مصرى يحافظ على هويتنا وتراثنا، وقال هذا وعينيه أغرورقتا بالدموع، وهو يقول: إنه لا يبيع تراث مصر بكنوز الدنيا، وأنا لاحظت قدرا من التماهى والتطابق فى كلام محسن جابر وعلاء الكحكى، كلاهما يشعر بأنه يؤدى مهمة وطنية، وأنه أمام هجمة البترو دولار، وطوفان الأموال المغسولة يحذر من اختراق خارجى لأدوات التأثير على الرأى العام والمخزون الثقافى المصرى الذى يريد هؤلاء تعريتنا منه، وللأسف حدث هذا فى تراث السينما عندما نزل هؤلاء، واشتروا الأصول والنيجاتيف، وكانت الفضيحة أننا صرنا نشترى منهم أفلامنا، وحدث نفس الشىء فى المسلسلات، حسبما ذكر الكحكى، وللأمانة يحسب له ولأصحاب الفضائيات المصرية أنهم خلقوا سوقا للدراما المصرية بعد هجوم المسلسل السورى ثم التركى، بما يهدد اللهجة المصرية لدى الشعوب العربية، وفى ظل تخلى ماسبيرو عن الإنتاج الدرامى ضمن خطة قتله بالبطء، وللأمانة لولا هذا الحس الوطنى والوعى اليقظ من الإعلام الخاص، لنجح إعلام التآمر والميديا الخوانية فى كل هجومهم المنظم على الدولة المصرية، ولكن بعد كلام الكحكى على وزير الاستثمار والحكومة، أن يجلسوا مع غرفة صناعة الإعلام لحماية المنتج الإعلامى والإعلانى المصرى من التتار الجدد، حسب تعبير سلامة، أقصد علاء الكحكى، لا بد أن يحدث ذلك اليوم وليس غدا.