هل حادث البحيرة هو الأخير؟.. الإجابة لا، لأن الأزمة ليست فى طريق البحيرة فقط أو فى سائق السيارة النقل أو أتوبيس المدرسة طرفى الواقعة، إنما الأزمة فى شبكة طرق تمتد بطول مصر تصل إلى 62 ألف كيلومتر.
إذن.. هل تقصد بأن أزمة شبكة الطرق تعنى بالأساس تحميل رئيس هيئة الطرق المسؤولية الكاملة عن الحادث؟.. الإجابة بكل أمانة لا، لأن الـ62 ألف كيلو متر طرق بمصر تنقسم لجزأين، 22 ألف كيلو متر تابعة لهيئة الطرق و40 ألف كيلو متر تابعة للمحافظات والأحياء.
ولكن الطريق محل الحادثة يتبع إداريا لرئيس هيئة الطرق، وبالتالى هو يتحمل المسؤولية؟.. الإجابة للأسف لا، لأنه بحسب البيان الصادر عن الهيئة أن الطريق خضع لإعداد وتجهيزات هندسية قبل أقل من عام ويتضمن إشارات طريق وشروط السلامة الأولية.
بهدوء.. رئيس الطرق فى تصريحات عقب الحادث، حمل إدارة المرور المسؤولية الكاملة عن الحادث، إذن.. المرور تتحمل المسؤولية؟ الإجابة لا، لأن وزير الداخلية قال إن السيارات تسير بأمان بامتداد الطريق والأزمة فى سائق النقل والداخلية ستعزز أجهزة الرادارات للحد من السرعة وستجرى تحاليل للسائقين للتأكد من عدم تعاطيهم المخدرات.
«إيه بقى اللى أفهمه أنا».. ما يُفهم هو أن كل مسؤول يحاول أن يبرئ نفسه من الحادث ويخلى مسؤوليته تماما «بتاع الطرق بيقول ماليش دعوة والمرور نفس الكلام ويبقى حق المواطن المتفحم «ضايع» بينهما.
طيب.. المواطن طالما حقه مهدور بين المسؤولين.. الله يرحمه وندعو الله أن يحتسبه من الشهداء.. كيف نحمى أنفسنا من حوادث مماثلة فى المستقبل.. أحدث إحصائية لمنظمة الصحة العالمية تشير أن 12 ألف قتيل فى مصر العام الماضى من جراء حوادث السيارات بينهم %20 كانوا يمشون بجانب الطريق وأن %62 من ضحايا حوادث الطرق ممن يستقلون سيارات النقل الثقيل والأتوبيسات.
دلالات الرقم تشير إلى أن سيارات النقل أكبر خطر يهدد سلامة المواطن ويهدد سلامة الطريق نفسه، والمفروض أن لكل سيارة نقل حمولة محددة لا تتجاوزها، إلا أن وزير النقل السابق إبراهيم الدميرى وافق على زيادة الأحمال بواقع 23 جنيها على كل طن إضافى، وهو ما ترتب عليه مئات الأطنان الزائدة، التى تزيد نسبة الخطر وعدم سيطرة السائق على حافلته، ومن ثم وقوع حوادث وتقليل العمر الافتراضى للطريق.
وفقا لحديث دار بينى وبين الدكتور إبراهيم مبروك أستاذ هندسة الطرق بجامعة الأزهر أن النسبة الطبيعية لسيارات النقل على الطريق إذا زادت عن %3، فيجب إنشاء حارة خاصة بهم، والواقع أن نسبة النقل على الطريق الدائرى تصل إلى %30، ولا توجد حارة، وتحول «الطريق الدائرى» من طريق يربط شرق القاهرة بغربها إلى «طريق موت».
أخيرا.. اسال نفسى.. وماذا الحل.. الحل موجود منذ العام 1982، حيث تم إنشاء المجلس الأعلى للسلامة المرورية، انعقد مرة واحدة برئاسة رئيس الوزراء.. ولم يتكرر الانعقاد حتى وقتنا هذا.. المجلس ينسق بين المرور والنقل، يراقب الطرق ويضمن سلامتها، يحافظ على أرواحنا من الفناء تحت عجلات النقل الثقيل... أين هو الآن؟
رحم الله ضحايا حادث البحيرة.