شكر الله سعيكم، ولا أراكم الله مكروها.. حتى كتابة هذه الكلمات، لا تزال اثنتا عشرة أسرة تنتظر نتيجة تحليل الحامض النووى للتعرف على ذويهم ممن تفحمت أجسادهم الطاهرة بحادث البحيرة، لا تزال قلوب المصريين يسكنها الوجع، لا تزال عقولنا منشغلة بالإهمال الذى تمكن من جهازنا الإدارى إلى أن أوصله لمثل هذا الحادث الأليم، لا تزال أسئلتنا بلا إجابة، من المسؤول عن الحادث، هيئة الطرق أم المرور أم السائق أم منظومة كاملة فاسدة؟
48 ساعة مضت على كارثة البحيرة، وفى كل ساعة ظهر خطأ جديد ينبئ بكارثة جديدة ويعكس مدى قصور الجهاز التنفيذى للدولة فى التعامل مع الأزمات.
1 - نُقل المصابون فى الحادث إلى القاهرة بطائرة عسكرية لأن مستشفى دمنهور العام بلا قسم حروق، وهو ما معناه أن 5 ملايين و340 ألف مواطن من أهالى البحيرة إذا أصيبوا بحريق، لن يخضعوا للعلاج المناسب وقد تتدهور حالتهم الصحية إن لم يزحفوا على القاهرة ومستشفياتها المتطورة.
2 - عند وقوع الحادثة، اشتعلت النار فى أتوبيس المدرسة، استغاث الأهالى بالمطافئ، فحضرت لمكان الواقعة بعد ساعة و15 دقيقة بحسب شهود العيان، لأن طريق مصر الإسكندرية الزراعى خال من وحدات مطافئ، وأقرب وحدة على بعد عشرات الكيلومترات فى محافظة البحيرة، وهو ما معناه أنه إذا وقع حريق جديد على الطريق، لا قدر الله فى أى سيارة فسيلقى سائقها نفس المصير «التفحم».
3 - من بين أسباب الحادث الأساسية، خلو الطريق من الإشارات المرورية، ولا يزال الطريق خاليا من الإشارات بامتداد طوله، والغريب أنه لم يبدأ العمل على تنفيذها حتى الآن.
4 - جهازنا الإدارى «موظفين، مهندسين، أطباء، عمال» يحتاج إلى إعداد نفسى للتعامل مع الأزمات والكوارث، فى الوقت الذى كان يقف فيه الآلاف من أهالى البحيرة أمام المشرحة ينتظرون استلام جثث ذويهم، خرج «لورى» يحمل بعض أشلاء الجثث، لإلقائها خارج المستشفى.. زاد غضب الأهالى حزنا على أبنائهم وعلى هذا التصرف الأحمق.. فهل هذا الفعل طبيعى وقت التعامل مع الأزمات.
5 - محافظ البحيرة تباهى فى تصريحات صحفية أنه تعامل مع الأزمة بنجاح، ولكن الواقع غير ذلك تمامًا.. الخلل يكمن فى طاقمه الإدارى وهو لا يشعر.
إلى صناع القرار.. لا يزال الإهمال، ولا تزال الأخطاء.. نسلط الضوء عليها بعين الحكمة وبدافع وطنى حفاظا على أبناء مصر من الموت على الأسفلت.
رحم الله ضحايا حادث البحيرة، وأسكنهم فسيح جناته.