وأخيرا حولت حركة تمرد نفسها إلى «حزب الحركة الشعبية» بتوكيلات بلغت 6200 توكيل، منها 1150 توكيل من محافظة القليوبية مسقط رأس أمين عام الحزب محمود بدر، الخطوة فى حد ذاتها موفقة، لكن هل سيكون الحزب إضافة حقيقية للحياة السياسية، أم سيكون مجرد رقم يضاف إلى عدد الأحزاب الموجودة التى لا يعرف المصريون عددها؟
فى الملامح الإيجابية للحزب، أن المؤسسين شباب جاءوا من مشهد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وأنهم يعتمدون على رصيد حركة تمرد التى جمعت ملايين التوكيلات مطالبة الرئيس محمد مرسى بإجراء انتخابات رئاسية، وكانت هذه الفكرة بمثابة وقود ساهم فى الزخم الجماهيرى الذى خرج يوم 30 يونيو.
كانت حركة تمرد تجليا جديدا من حالة الاحتجاج الجماهيرى العابر للأحزاب، والذى بدأ فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك مجسدا فى حركة «كفاية» التى رفعت شعار: «لا للتمديد، لا للتوريث»، ولدت حركة كفاية استجابة لأشياء كثيرة منها فشل الأحزاب، وبدا سحرها فى أنها وضعت لنفسها مطلبا محددا، دون أن ترهق نفسها بمطالب أخرى، ولهذا كانت عابرة للتخندق الأيديولوجى، وقيود الأحزاب، فانضم إليها اليمين واليسار، وأطياف جماهيرية بلغ بها اليأس مبلغه من ضعف أحزاب المعارضة، واستطاعت أن تفرض قضية التوريث على أجندة الجميع بما فى ذلك مبارك نفسه.
من نفس فضاء «كفاية» ضد مبارك جاء فعل «تمرد» ضد مرسى، لكن واجهت حركة كفاية مصاعب كثيرة، بدءا من قيود أمنية صعبة، وغضب مؤسسات نظام مبارك، وانتهاء بأحزاب المعارضة التى لم يرق لها أن يكون هناك فعل جماهيرى معارض ومؤثر خارج غرفها، أما حركة تمرد فكانت على العكس من ذلك، فلم تكن أجهزة الدولة غاضبة منها بل شجعتها، والدليل أن بعض ضباط الشرطة قاموا بالتوقيع على استمارة الحركة، كما لاقت تشجيعا من أحزاب المعارضة لحكم محمد مرسى وجماعة الإخوان، وكانت كوادر هذه الأحزاب فى المحافظات عاملا مؤثرا فى مساندتها فى القرى والمدن، ولا يجب إغفال دور جبهة الإنقاذ بكل تكويناتها الحزبية، بالإضافة إلى التيار الشعبى بتأثيره الكبير فى المشهد السياسى كله، بمعنى أن حالة الزخم الجماهيرى والسياسى التى خلقتها «الجبهة بمكوناتها»، قادت الطريق إلى «تمرد»، ولهذا سيكون من الظلم فهم الطريق إلى 30 يونيو بالتركيز على كيان دون الآخر.
وكحركة كفاية، كان لـ«تمرد» مطلب محدد، وشعار مختصر مركز، وحين تحقق ذهب سحر الحالة، وعاد الكثيرون ممن ساهموا فى توهجها إلى خنادقهم الحزبية الأصلية، وهو ما يعنى أن الحركة حين تتحول إلى حزب، عليها مواجهة تحد أن حالتها الشعبية ليست كما كانت، فوهج حالتها من تبنيها أعلى سقف فى المطالب وهو إقالة محمد مرسى تحقق، وبالتالى فإنها كـ«حزب» عليها أن تجد مسارا جديدا، مسار لا يكون كما هو حاصل فى العمل الحزبى الذى يسير كالبطة العرجاء منذ عودة العمل للحياة الحزبية فى مصر عام 1976.
فى مشهد التقدم بأوراق تأسيس الحزب شاهدنا شبابا وهذا ملمح إيجابى، فى وقت يبحث فيه الشباب عن أجوبة لأسئلة تتعلق بالمستقبل، لكن على هؤلاء دراسة حالة الأحزاب التى ولدت بعد ثورة يناير بقيادات شابة ولم تحقق شيئا.