الدكتور سلطان القاسمى حاكم الشارقة لديه إصرار يستحق الإعجاب والتقدير أن يبقى الكتاب مثل المسرح، أبو المعرفة الأولى رغم ثورة الاتصالات المهولة وتعدد وسائل المعرفة الإلكترونية وانصراف الأجيال الجديدة أو غالبيتها عن الكتاب إلى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى للحصول على المعلومات وتكوين وعى يعتمد على معلومات غير موثقة وغير حقيقية وربما تكون غالبيتها شائعات موجهة. مثلما المسرح هو أبوالفنون فالكتاب بالنسبة للدكتور القاسمى كعاشق للقراءة ومحب للكتابة والتأليف والدراسة، ليس فقط «خير صديق فى الدنيا» وإنما هو الأب الشرعى للثقافة المرئية الذى لا ينبغى الانصراف عنه أبدا.
من هنا وأمام هذا الإصرار والعناد على أن يبقى الكتاب هو المرجعية والشرعية، أصبحت الشارقة عاصمة للثقافة العربية لسنوات طويلة وعاصمة للثقافة الإسلامية العام الحالى، وأصبح معرض الكتاب بالشارقة واحدا من أهم أربعة معارض للكتب فى العالم بدعم من الشيخ سلطان القاسمى وانحيازه الدائم إلى العلم والمعرفة والعلوم والفنون. المعرض منذ بدايته فى عام 1982 يحقق إضافات مهمة سواء فى دور النشر المشاركة أو فى العناوين والفعاليات والشخصيات الثقافية والفكرية والفنية الحاضرة. الشارقة على صغر مساحتها الجغرافية إلا أن تأثيرها الثقافى والفنى والإنسانى يمتد على مساحة الوطن العربى والإسلامى وأصبحت موطئا للمسرح وعاصمة للكتاب. وليس أدل على ذلك إلا حرص دور النشر العربية والأجنبية على المشاركة فى المعرض حتى أصبحت دورته الحالية هى الأضخم فى تاريخه وتجاوز دوره التقليدى من معرض للكتاب، إلى مشروع ثقافى متكامل، يجد فيه القارئ والكاتب والناشر والمترجم وبائع الكتب وأمين المكتبة وغيرها من فئات المجتمع مكاناً فيه.
حوالى 1256 دار نشر من 59 دولة من بينها 35 دولة أجنبية تشارك فى المعرض العام الحالى، وتشارك 12 دولة منها فى المعرض للمرة الأولى، ودائما مصر تحتل المرتبة الأولى من دور النشر العربية والأجنبية بعد الإمارات حيث تشارك بـ140. وكانت لفتة ذكية لها معنى أن يكرم الشيخ سلطان الفنان عادل إمام بجائزة الإبداع الفنى إلى جانب اختيار الدكتور عبدالعزيز التويجرى مدير المنظمة الإسلامية للعلوم والثقافة كشخصية العام فى المعرض، ودعوة عدد كبير من الفنانين والشعراء والإعلاميين، فهو رجل يعى ويدرك دور الفن والإبداع فى معركة التنوير فى الوطن العربى. إلى جانب السياسة أيضا. لأن الحرب ضد الإرهاب تبدأ من العقل أولا.