فى 8 ديسمبر من عام 1987 اندلعت فى جباليا بقطاع غزة أول انتفاضة فلسطينية شاملة ضد العدو الإسرائيل المجرم، ثم انتقلت شرارتها المقدسة إلى معظم قرى ومدن ومخيمات فلسطين المحتلة، إذ شارك فيها أهلنا فى فلسطين بمن فيهم الأطفال، وكان السلاح الأهم والأمضى لهذه الانتفاضة هى الحجارة، وحقق أطفال فلسطين معجزة وطنية بامتياز، عندما واصلوا قذف جنود الاحتلال الإسرائيلى بالحجارة فى تحد صارخ لكل جبار عنيد.
كما تعرف.. لم يخفت صهيل الانتفاضة طوال أربع سنوات، وقدم الشعب الفلسطينى البطل تضحيات جسيمة فى الأرواح، كما لم يخفت رنين العنجهية فى صدور جيش الاحتلال، لكن للأسف الشديد لم يستطع السياسيون هنا وهناك استثمار هذه الانتفاضة العظيمة، وهكذا - وبكل أسف - تراجع الاهتمام بقضية فلسطين، وانكمشت الشعوب على أنفسها، وأمست القدس حلمًا بعيد المنال كأنها مدينة فى كوكب آخر!
لماذا؟
لا يمكن فهم ما حدث من تفتيت القضية الفلسطينية وتشرذمها من جهة، وتوحش إسرائيل من جهة أخرى دون النظر إلى ما جرى لمصر فى الأعوام الأربعين الماضية، ذلك أن مفتاح القدس فى القاهرة كما قال الفيلسوف الألمانى ليبنتز قبل 350 عامًا تقريبًا فى إطار تحريضه ملك فرنسا لويس الرابع عشر على احتلال مصر ليتسنى له دخول القدس ظافرًا.
منذ أن عقد السادات اتفاقه المشبوه مع إسرائيل فى مارس 1979، والفلسطينون يخسرون كل يوم قطعة من أرضهم، والمصريون يفقدون كل يوم شطرًا من حريتهم وأمانهم، ولما جاء مبارك وانصاع نظامه انصياعًا تامًا أمام العدو الإسرائيلى، صارت فلسطين لقمة سائغة فى أفواه قادة الدولة العبرية،الذين أعلنوا أن مبارك كان بمثابة كنز استرتيجى لهم، بينما أصبحنا نحن المصريين عرضة لكل أصناف المذلة والفقر والمرض، الأمر الذى دفعنا إلى الانكفاء على ذواتنا، ناسين أن مستقبلنا مرهون بإقامة دولة فلسطينية على حدودنا الشرقية، لا دولة مغتصبة تنتهك وتقتل كل يوم كما يحدث منذ 64 سنة!
الآن ومع ذكرى الانتفاضة وبعد اندلاع ثورتى يناير ويونيو.. كيف يرى أولو الأمر فى مصر قضية فلسطين فى ضوء رؤيتهم لمستقبل مصر؟