إلى متى يظل القول المأثور «باب النجار مخلع» يسيطر على طريقة أداء معظم المؤسسات الرسمية فى هذا الوطن.. والتى لم تفلح فى وأدها الثورات، وكأنه سحر أسود، يستعصى على الجميع فك طلاسمه؟! وإذا كان المصريون طوال العقود الماضية يعانون الأمرين من انتشار الفساد، والوساطة والمحسوبية المسيطرة على الجهاز الإدارى للدولة، ومنها تقنين التعيينات لتصبح عائلية بجدارة، فإن الأمر يتجاوز العقل، وكل قواعد المنطق، عندما تصل الوساطة والمحسوبية إلى الجهاز المركزى للمحاسبات، وهو الجهاز الذى مهمته الرئيسية «مكافحة الفساد».
للأسف وبعد ثورتى يناير ويونيو، وفى عهد رئيس جديد للجهاز، المستشار هشام جنينة الذى أخرج سيفه من غمده، وأشهره - كما ادعى فى تصريحاته الصحفية - فى وجه الفساد، تناثرت أخبار أن الرجل قرر تغيير شروط مسابقة التعيين بالجهاز، التى كان معمولا بها فى عهد المستشار جودت الملط، رئيس الجهاز السابق، من اختيار خريجى كليات التجارة المتفوقين والحاصلين على تقديرات امتياز وجيد جدا، إلى اختيار الحاصلين على تقدير جيد، وعقد امتحانات شفهية وتحريرية، للمتقدمين من دفعات 2010 وحتى 2013، التى سيعلن عنها قريبا.
المعلومات التى تتردد بقوة داخل دهاليز مقر الجهاز تؤكد أن سبب تغيير شروط المسابقة، من اختيار الخريجين المتفوقين، والحاصلين على تقديرات امتياز وجيد جدا، إلى اختيار الخريجين الحاصلين على تقدير جيد، الهدف منها، تفصيل المسابقة على عدد من أبناء العاملين بالجهاز من الحاصلين على تقدير جيد، والذين سيتقدمون للمسابقة، بجانب أن التلاعب فى الامتحانات الشفهية والتحريرية وتسريب الأسئلة أمر يصب فى هذه الخانة، وهو ما يعد إهدارا للعدالة فى عملية الاختيار.
المتفوقون قرروا تقديم شكوى لرئيس الجهاز المستشار هشام جنينة، بعد علمهم بأنه أكد أمام العاملين بالجهاز أن هناك اتجاها لتغيير شروط المسابقة الحالية، التى تشترط التقدم لها، من المتفوقين الحاصلين على تقديرات امتياز وجيد جدا، إلى تقدم الحاصلين على تقدير جيد، وهو ما يتعارض مع نهج النظام الحالى الذى يطالب بتدعيم المتفوقين وأهل الكفاءة، وليس أهل الثقة، لإحداث طفرة كبيرة فى العمل بالمؤسسات المختلفة، بشكل عام، وداخل الجهاز المركزى للمحاسبات بشكل خاص، وتمكنه من أداء دوره بقوة وفاعلية، لكن للأسف، وحتى الآن لم يرد رئيس الجهاز على الشكوى.. ولك الله يا مصر!