رغم سقوط حكومة «اليمين» الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، وانهيار ائتلافه الحاكم بإقالة وزير المالية يائير لابيد، ووزيرة القضاء تسيبى ليفنى، واستقالة 4 وزراء آخرين، لن تكون الحكومة المقبلة أقل تطرفا بل ستتحول لحكومة أكثر تطرفا بعد عقد نتنياهو صفقة مع أحزاب «الحريديم» – المتشددين دينيا – للدخول معه فى ائتلاف واحد خلال انتخابات 17 مارس المقبلة. مما لا شك فيه ستكون انتخابات الكنيست المبكرة فى الربع الأول من العام المقبل عبارة عن «استفتاء شعبى» على استمرار حكم بنيامين نتنياهو، ولكن سيكون هناك سؤال مهم، هل سينتخبه الإسرائيليون لفترة «ولاية رابعة»، أم سيتم إسقاطه هذه المرة واختيار وجه جديد يقود الدولة العبرية الفترة المقبلة؟ وذلك فى الوقت الذى يغازل فيه نتنياهو أحزاب اليمين المتطرف من أمثال «شاس» الدينى المتشدد و«يهدوت ها توراة» و«البيت اليهودى» ليشكل ائتلافا جديدا بجانب حزبه «الليكود» وشريكه «يسرائيل بيتنا» الذى يتزعمه المتطرف أفيجادور ليبرمان، ويلعب حاليا رئيس الوزراء الإسرائيلى لعبة سياسية «خبيثة» فبعد أن أطاح بخصومه من الحكومة بإقالتهم، وهم وزير المالية ووزير القضاء والدعوة لحل الكنيست، والذهاب لانتخابات مبكرة، وحديثه بإسهاب أمام عدسات الكاميرات، فى مكتبه، عن الصعوبات التى واجهها كقائد يتزعم حكومة لم تعرف أبدًا كيف تقوم بعملها، مع وزراء متغطرسين، حسب ادعائه، وأساءوا إليه، تحدثوا ضده وتآمروا على إسقاطه واستبداله، وذلك من خلال حملة انتخابية بأفضلية تكتيكية له.
فمن جهة قام نتنياهو بالهجوم أولا على الوزيرين وأقالهما من حكومته، ومن جهة أخرى ضمن أحزاب «الحريديم» فى صفه بعد أن عقد صفقات فى الخفاء معهم لضمان ولائهم .
وأظهرت استطلاعات الرأى السريعة، التى نشرت فى جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية عقب انهيار الحكومة، أنه لن يحدث أى تغيير بحكم حزب «الليكود» الحاكم فى إسرائيل، بل أظهرت تعزيز قوة «اليمين المتشدد» برئاسة نفتالى بينيت، وتقلص الحزب اليسارى «العمل»، الذى يتزعمه هرتسوج، بل وأظهرت أيضا أن الأحزاب العربية التى يفترض أن تشارك بالانتخابات بقائمة واحدة قد يقل عدد مقاعدها بالكنيست فى الدورة البرلمانية المقبلة.
وهنالك نجم جديد قديم احتل العناوين خلال الفترة الأخيرة، قد يقلب الموازين فى الانتخابات المقبلة، وهو عضو الليكود السابق ووزير الاتصالات فى حكومة نتنياهو الذى استقال من منصبه، وغاب عن السياسة طوال عامين، «موشيه كحلون»، حيث يعرفه الجمهور الإسرائيلى على أنه الشخصية التى أدت إلى ثورة فى عالم الاتصالات، وهو الذى تجرأ على الوقوف أمام أباطرة شركات الاتصالات وعمل على تخفيض أسعار سوق الهواتف المحمولة بشكل كبير، ويتوقع فى حال قام بتشكيل حزب، أن يحصل على 10 مقاعد على حساب حزب «الحركة» برئاسة تسيبى ليفنى و«العمل» برئاسة هرتسوج، وكعينة من أحد هذه الاستطلاعات، أوضح استطلاع أجراه معهد «تلسيكير» أن نتنياهو فى الطريق لتشكيل «حكومته الرابعة»، وأن «الليكود» سيحصل على 23 مقعدا، و«البيت اليهودى» على 17 مقعدا، و«يسرائيل بيتنا» على 12 مقعدا، وفى المقابل تتراجع قوة أحزاب الوسط واليسار «العمل» و«هناك مستقبل» و«الحركة» وتحصل مجتمعة على 28 مقعدا، مقابل 40 مقعدا فى الكنيست الحالية، وينبع التراجع الكبير أساسا من تحطم قوة «هناك مستقبل» التى تفقد حوالى نصف قوتها.
النتائج أظهرت أيضا أن حزب «العمل» يحافظ على قوته ويحصل على 12 مقعدا، ويتراجع «هناك مستقبل» إلى 11 مقعدا، ويحصل حزب «كحلون» الجديد على 10 مقاعد، و«يهدوت هتوراة» على 8 مقاعد، و«شاس» على 8، و«ميرتس» 5، و«هتنوعا» 5 مقاعد، أما بالنسبة للأحزاب العربية، تظهر النتائج أن الكتلة العربية الموحدة تحصل على 5 مقاعد، والجبهة على 3 مقاعد، والتجمع على مقعدين.
ويعد حساب المقاعد بالكنيست مهما للغاية، لأنها هى التى ستشكل احتمالات الحكم فى إسرائيل، فهناك احتمالان منطقيان بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة فى إسرائيل، الاحتمال الأول، الذى يبدو الآن منطقيًا أكثر، هو حكومة «يمين - حاريديين» مع تعزيز قوة حزب «وسط» واحد أو اثنين كحزب «موشيه كحلون»، وربما انضمام يائير لبيد له، وحينها ستلتزم هذه الحكومة بسلم الأولويات التقليدى لليمين، وهو زيادة ميزانية الأمن وتعزيز قوة المستوطنين الحاريدييم، كما ستستغل ضعف حكومة الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى الولايات المتحدة، بالطريق لإنهاء ولايته، من أجل تفادى أى مخاطر سياسية وتعميق ضم الأراضى المحتلة، مع زيادة القمع ضد الوسط العربى داخل الخط الأخضر.
والبديل الثانى هو حكومة «يسار – وسط» برئاسة يتسحاك هرتسوج، مع دعم من أحزاب حاريدية وحزب يمينى واحد أو اثنين ليبرمان أو الليكود، وحكومة كهذه لا يمكنها التوصل إلى حل سياسى مع الفلسطينيين، الأمر الذى ينطوى على انسحاب من الأراضى المحتلة وإخلاء المستوطنات، بسبب تعلقها بدعم نواب كنيست من اليمين، ويمكنها أن تُبدى اعتدالاً سياسيًا، وأن تحسن علاقة إسرائيل مع الولايات المتحدة وأوروبا، وأن توجه اهتمامات أكبر وموارد للداخل والعمل على تهدئة الصراع الداخلى بين اليهود والعرب، مع دفن مشاريع قوانين عنصرية على شاكلة قانون «القومية اليهودية».انهيار الحكومة عجل افتتاح المعركة الانتخابية المقبلة، وولد عاصفة من المحادثات والاتصالات المكثفة بين الجهات السياسية المختلفة، فى اليمين واليسار، استعدادا للمعركة الانتخابية.
ويحاول زعيم حزب «العمل»، منذ أسابيع، وبدون أى علاقة بالأزمة الحالية، تشكيل كتلة وسط كبيرة، تصد اليمين المتطرف وتمنع عودته إلى السلطة، ويعتقد هرتسوج أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال التحالف الصحيح، وخوض الانتخابات فى إطار جبهة واحدة تضم معسكر الوسط، وبالفعل أجرى مؤخرا الكثير من المحادثات مع تسيبى ليفنى، ودعاها إلى إمكانية خوض الانتخابات فى قائمة مشتركة، ورغم أن ليفنى لم ترد على مقترحات هرتسوج حتى الآن، فإنها صرحت مؤخرا بأنه على معسكر الوسط توحيد قواه وتوفير بديل جيد لسلطة اليمين، وأجرى هرتسوج محادثات مماثلة مع يئير لبيد، لكن السؤال الذى من شأنه تصعيب التحالف يتعلق بهوية الشخص الذى سيترأس القائمة المشتركة فى حال الاتفاق على تشكيلها.
وبسبب توقع عدم تجاوز حزب «كاديما» لنسبة الحسم الجديدة، فسيكون عليه أن يقرر هو أيضا ما إذا كان سينضم إلى تكتل ما، وسيحاول رئيس الحزب، وزير الدفاع الأسبق، شاؤول موفاز، توفير رد أمنى لمعسكر الوسط، مقابل الحملة الأمنية التى يبدو أن الليكود سيركز عليها.
أما فى معسكر اليمين فالأمور لا تزال غير واضحة، ففى «الليكود» يسود التخوف من خوض الانتخابات فى ظل تدهور شعبية الحزب، بينما لا تسارع أحزاب اليمين الأخرى إلى تشكيل تكتل يمينى مع الليكود، وذلك فى الوقت الذى نفى فيه حزب «البيت اليهودى» بشكل قاطع وجود اتصالات بينه وبين الليكود لتشكيل قائمة مشتركة، وأعلن أنه سيخوض الانتخابات فى قائمة مستقلة بهدف تحسين مواقف الحكومة المقبلة، والتأثير عليها، لكن البيت اليهودى يواجه، أيضا، خطر الانشقاق، على خلفية الخلافات الشديدة بين زعيم الاتحاد القومى أورى آريئيل ورئيس حزب «المفدال» الجديد نفتالى بينت، ويمكن لهذا الخلاف أن يؤدى إلى خوض الانتخابات فى قائمتين منفصلتين، وكما يبدو أن إسرائيل بيتنا لا تنوى حاليا خوض الانتخابات ضمن تحالف ما، على غرار تحالفه مع الليكود فى الانتخابات السابقة، وتسعى الكتل العربية إلى مناقشة خطواتها بشأن شكل خوض الانتخابات المقبلة، بسبب رفع نسبة الحسم، التى تهدد وجودها فى الكنيست المقبلة، وتحاول هذه الأحزاب حاليا، إجراء مباحثات حول إمكانية تشكيل قائمة موحدة تزيد من نسبة التصويت فى القطاع العربى، وتزيد من عدد نوابه فى الكنيست.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
امينه
يا ريتنا كنا زى اليهود فى التفكير و فى حالة الخلاف لكن يا حسره مواقفنا كثيره غير مقبوله
بدون تعليق