عندما انتخبت الرئيس السيسى لم أكن ممن اعتبروه مسارا إجباريا لإنقاذ مصر، وإنما كان جزءا مهما من اختيارى له حبى له كشخصية عسكرية تتمتع بكل مواصفات المصرى الوطنى العاشق لبلده، وأعترف أن السيسى كل يوم يثبت أنه كان وما زال جديرا بهذا الحب، لكن هذا لن يمنعنى أبدا من التوقف عند بعض رسائل الرئيس، التى يصر على تكرارها فى كل لقاءاته، وتحديدا رسالته لمن لا يستطيعون تحمل المسئولية، ففى كل مرة يقول الرئيس، اللى مش قد المسئولية يسيبها"، وأنا شخصيا ضد مضمون الرسالة تماما، ليس رفضا للمبدأ أو دفاعا عن الفاشلين، وإنما اعترض عليها لأننى كنت أتمنى بدلا من أن يوجه الرئيس رسائل غاضبة، أن يتخذ قرارات قاطعة ويستبعد بنفسه كل فاشل.
كنت أرى أن واجب الرئيس اتخاذ إجراءات واضحة وجريئة لتخليصنا من كل مسئول تؤكد تقارير المتابعة أنه ليس على قدر المسئولية، وللأسف هؤلاء ليسوا عددا قليلا، بل كثيرون وفى كل المواقع تقريبا ولديهم من البرود والبجاحة ما يجعلهم يقبلون على أنفسهم الإهانة مقابل أن يبقوا فى مواقعهم، فحكومة المهندس محلب نفسها فيها عدد غير قليل من الوزراء ليسوا على قدر المسئولية، وهناك مؤسسات فيها من الفاشلين ما يكفى لتعطيلها وإفساد مهمتها، وفى كل الأجهزة والمؤسسات الحكومية عشرات من الفاشلين والفاسدين، وكل هؤلاء لن تصلح معهم مناشدات الرئيس.
ولهذا كنت أتمنى من الرئيس بدلا من الاكتفاء بمطالبة هؤلاء بالمغادرة أن يبادر ويأمر بقرارات حاسمة ضد كل الفاشلين المقصرين، ليفتح الباب أمام من يستطيعون خدمة البلد وتقديم إبداع حقيقى، الوزراء الفاشلون مثلا لن يجرؤ واحد منهم على أن يقدم اعتذارا عن المهمة لأنه سيكون بهذا التصرف معترفا بفشله، وحاشا لله أن نجد فى مصر وزيرا أو مسئولا يمتلك شجاعة الاعتراف بالفشل، إذا كانوا لا يقبلون الاعتراف بالخطأ فهل نطلب منهم أن يعترفوا بالفشل، ولدينا على مدار السنوات العشر الماضية على الأقل نماذج على كوارث ارتكبت والوزراء المسئولون عنها ظلوا فى مواقعهم رغم أنف دماء من ماتوا.
نفس الأمر بالنسبة للمحافظين وما أكثر الفاشلين منهم، وللأسف لا نعرف لماذا تأخرت حركة التغييرات للمحافظين حتى الآن رغم وضوح الفشل فى العديد من المحافظات لدرجة أن أبناءها يعانون وينتظرون اليوم الذى يتخلصون فيه من محافظيهم الفاشلين، فهل سينتظر الرئيس من هؤلاء أن يتقدموا من أنفسهم بطلبات إعفائهم، أعتقد أنه يعلم أن هذا لن يحدث أبدا.
البعض يقول إن رسالة الرئيس هدفها أن يقول "حسوا على دمكم" وأنا لن اختلف مع هؤلاء لكن هل مطلوب أن نظل نراعى مشاعر هؤلاء الفاشلين ونحمل البلد مزيدا من الخسائر، بالطبع هذا أمر غير مقبول، والطبيعى أن يسارع الرئيس بدلا من مناشدتهم برقى وتحضر أن يتخذ القرار ويلزم المهندس محلب باستبدالهم فورا بمن هم على قدر المسئولية، ويمتلكون قدرات تحتاجها مصر.
أنا هنا لا ألوم على الرئيس حسن أخلاقه، ولا أعيب عليه رغبته فى تغيير ثقافة المصريين، فهذا أمر فى منتهى الأهمية، لكن هذا لن يحدث فى يوم وليلة، وكما يقول الرئيس نفسه، إن الفساد لن ينتهى بقرارات وقوانين فقط وإنما يحتاج ثقافة، فإن التخلص من الفاشلين أيضا لن يتم بالمناشدات الرئاسية وحدها، وإنما يحتاج إلى قرارات لا تراعى إلا مصلحة البلد، لأن قمة الفساد الذى يصر الرئيس على محاربته أن يبقى فاشلا فى موقعه، ونظل منتظرين تعطفه علينا بالاعتذار.