هل تتصورون كم أضافت أم كلثوم أو عبدالوهاب أو عبد الحليم حافظ وغيرهم من قمم الفن والإبداع لصورة مصر عربيا ودوليا؟ هل تعلمون القيمة التى منحتها للروح المصرية فى الوجدان العربى؟ قيمة هائلة مستمرة لا تنفد عبر الأجيال والسنوات، يكفى أن يصدح صوت الست أو عبدالوهاب فى مقهى بغدادى أو سودانى أو لبنانى أو موريتانى ساعة الصباح، والرواد يستنشقون النغمات واللهجة المصرية مع شاى الصباح، فتهفو نفوسهم إلى السفر للقاهرة.
أقول ذلك بمناسبة الصوت الجميل والقوى للمطربة مروة ناجى، التى ظلمها برنامج «ذا فويس» مرة بعدم منحها جائزته، وظلمتها وزارة الثقافة ودار الأوبرا والإذاعة والتليفزيون مرات عديدة بعدم احتضانها أو توفير المناخ والإنتاج المناسبين لها بعد اكتشاف خامة صوتها الفريدة، وأتعجب، كيف تجاهلت كل هذه الجهات موهبة مروة الكبيرة، ولم تسارع بتوفير أفضل الكلمات والألحان حتى يظهر هذا الصوت المصرى الجميل للعالم.
زمان كانت الإذاعة المصرية توفر الرعاة من كبار المؤلفين والملحنين لمن يمتلك موهبة كبرى، وتتيح له الظهور والانتشار، باعتبار ذلك جزءا من دورها الطبيعى والعادى الذى تنفق فيه الميزانيات، ويتباهى به كبار المسؤولين على الفاضى والمليان، بينما يهدرون الميزانيات بالملايين فى مرتبات عمالة زائدة ومكافآت لمن لا يستحقون المكافأة، وكأننا نسدد خانات إهدار المال العام بالقانون.
لا، أيها السادة، أفيقوا ووظفوا الميزانيات المخصصة للثقافة والفنون، فى ترميم الوزن الثقافى والحضارى لمصر، من خلال منابر وأصوات مثل مروة ناجى وآمال ماهر، وأعيدوا للإذاعة والتليفزيون دورهما الوطنى فى إنتاج القوة الناعمة لمصر، وفى مقدمتها إنتاج وتسويق الأعمال الغنائية والموسيقية الرفيعة لمنافسة الشركات العربية التى باتت تتحكم فى سوق الغناء وتلعب به وفيه سياسيا، تعلى الفن الخليجى والشامى وتميت الفن المصرى، تخنق المطربين المصريين الموهوبين وتدعم ضعاف الموهبة، إلى آخر هذه الألاعيب السياسية المدعومة برءوس أموال طائلة تهدف بالأساس إلى إزاحة التأثير الثقافى المصرى، وإعادة تشكيل الوجدان العربى لعقود مقبلة، بعيدا عن سحر القاهرة المحروسة.. يا رب ننتبه ونتحرك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة