هل نزل الرئيس السيسى ميدان التحرير وهتف مع الهاتفين فى يناير 2011؟
الإجابة واضحة.. هو لم يشارك الثوار فى ثورتهم ضد مبارك ونظامه وبطشه، لكنه فعل أكثر من ذلك حين استجاب لثورة الملايين ضد مرسى وإخوانه وأنصاره وتجّار الدين، وساند الشعب بما له من سلطات واسعة، فرفعته الملايين إلى السماء، وغمروه بمشاعر حب حقيقى لم تحدث منذ عبدالناصر.
إذن الرئيس السيسى ثائر من نوع مختلف، لكن ثورته فى انتظار أن تكتمل، وبالتالى عليه أن يعمل بسرعة على اقتلاع جذور الفساد المستشرى فى كل أجهزة الدولة، والأخطر عليه أن يدرك أن هناك معجزة حقيقية فى انتظار أن يصنعها، ليعيش فى قلوب المصريين إلى الأبد، وليدخل التاريخ من أطهر أبوابه.
هذه المعجزة تتمثل فى الاستيعاب التام بأن جوهر مشكلاتنا يكمن فى تكدس السكان داخل %7 من مساحة مصر كلها، وهو أمر لا يليق بالإنسان الحديث، فكل إنسان فى حاجة إلى فراغ جغرافى يتحرك فيه بحرية، وإلا فقد آدميته وأعصابه، لذا على السيسى أن يعمل على تخفيض عدد سكان المدن المزدحمة إلى النصف على الأقل، وذلك من خلال الشروع فورًا فى بناء مدن جديدة تبعد عن القاهرة بنحو 400 كيلو متر على الأقل. هذه المدن يجب أن تنفصل تمامًا عن القاهرة إداريًا، فمن يقطنها ينبغى أن يكون فى غنى تام عن العاصمة، فهى تضم ما يحتاجه الإنسان فى حياته من مصانع وشركات ومدارس ومستشفيات ومطار ومراكز تسوق ووسائل ترفيه إلى آخره.
إن الزحام ألعن من الفقر، وكل ما سيفعله السيسى لن يؤتى أكله إذا لم يمحق ظاهرة التكدس البشرى الذى تعانى منه مصر بشكل يفوق الخيال، وكل محاولاته للإصلاح ستذهب سدى لأن الزحام يدمر أعصاب الإنسان ويعيده إلى سيرته الوحشية الأولى، وما الجرائم الشاذة التى نطالعها فى الصحف يوميًا إلا انعكاس بائس لهذا الزحام المخيف، والمدن الجديدة التى بناها السادات ومبارك «أكتوبر/ القاهرة الجديدة/ الرحاب/ الشروق» كلها شيدت فى المكان الخطأ لأنها ضمن حزام القاهرة،.
يا سيسى.. اصنع معجزتك.. وشيّد مدنًا جديدة.