كم هى جميلة تلك الكلمات وكم هو رائع مدلولها !! إذا سمعتها أيقنت بخير وإذا مارستها أحسست براحة بال ونشوة تجعلك تحلق بدون أجنحة فهى مأخوذة من صفات الله فهو الكريم وهو صاحب الجود.
ثلاث كلمات بثقل ثلاث جبال من الذهب ففى كل كلمة منهن تقطن معانى جميلة معانى تحدث توازنا فى حياة الفرد والمجتمع، لأنه بتلك الصفات النبيلة يحدث الرضا المجتمعى، حيث عطف وكرم الغنى على الفقير وبسبب تلك الكلمات ينعدم حنق وحقد الفقير على الغنى وهذا مؤداه إلى السلام الاجتماعى.
ولكن قبل أن نخوض فى مفهوم تلك الكلمات العظيمة هل نعلم الفرق بينها؟ فهى بقول مختصر( من أعطى القليل وأبقى الكثير فهو الكريم، ومن أعطى الكثير وأبقى القليل فهو الجواد، ومن أعطى الكل ولم يبقى شيئا فهو المؤثر).
ثم أننا لابد أن نعلم أن تلك الكلمات ومدلولها ومفهومها لا يمكن أن تتم بالتمثيل أو ادعاء الشيء بمعنى أن الكرم مثلا من الموروثات الفطرية التى يخلق الإنسان بها وليست وليدة التعلم أو مجرد الممارسة لفيض مال عند صاحبها فهى إحدى الجينات الوراثية فى الإنسان فكما كان يقال قديما (الكرم شىءٌ هين بشاشة وجهٍ وقول لين)
وهنا لابد من ذكر قصة أخ لحاتم الطائى احد أهم من ضرب بهم المثل فى الكرم حيث أن أخيه هذا أراد أن يصنع ما كان يصنعه حاتم فى حياته من إكرام للضيف وجميع صور الكرم التى كان حاتم يفعلها، ولكنه تفاجأ بأمه تقول له ارح نفسك يا بنى فشتان بينك وبين أخيك.
فيقول لها ولماذا يا أماه؟ فتقول عندما وضعت حاتم مكث أربعين ليلة لا يرضع حتى آتى بابن الجيران يرضع من الثدى الآخر أما أنت يا بنى فكنت ترضع من ثدى وتضع يدك على الآخر لتحجزه !!
بالتأكيد عزيزى القارئ المحترم ليس من السهل أن نحتوى معانى تلك الكلمات فى مقال عابر فهى تحتاج العديد من المجلدات لتوضيح معانيها ومدلولاتها ولكنى هنا أحاول أن أعرج على فضلها بشكل مبسط وشديد الاختصار بقليل من الوصف المخفف المغلف بلطائف الكلمات
ومنها مثلا أن الكرم ليس مقتصرا على إطعام الطعام والترحيب بالضيف فهو مفهوم خلقى حيث تنبثق منه (مكارم الأخلاق) التى قال فيها رسولنا الكريم (إن صح عنه) صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فالكرم ليس فقط فى إطعام الطعام بل هو سلوك ومنهج، فكرم الخلق يفوق أهمية كرم الطعام وأما الجواد الذى يجود بالكثير ويبقى القليل فحدث ولا حرج فيكفينى قول أحدهم وهو يعطى الغير قوله يجود علينا الخيرون بجودهم، ونحن بما جاد الخيرين نجودُ.
أو قول الشافعى ( رحمه الله )
إذا جادت الدنيا عليك فجد بها ** على الناس وأعلم بأنها تتقلبُ
فلا الجودُ يفنيها إذا هى أقبلت ** ولا البخل يبقيها إذا هى تذهبُ
وأما أهل الإيثار والمقصود بهم الذين يمنحون الغير كل ما يملكون فيكفيهم فخرا مدح رب العالمين لهم فى كتابه الحكيم بقوله سبحانه (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) وهنا يوثق لهم رب العالمين الفلاح والفوز بالدنيا والآخرة وليس بعد وعد الله قول يضاف.
عزيزى القارئ من شدة حبى لتلك الكلمات لا أريد أن أتوقف عن الكتابة ولكننى وعدتك أن أكون مختصرا فى الوصف والشرح راجيا الله عز وجل أن تعود أمتنا عامة ومصرنا خاصة لمكارم الأخلاق والتمسك بالثوابت الجميلة مثل الكرم والجود والإيثار التى توارثناها عبر قرون عدة جعلتنا فى مقدمة الأمم فترات كبيرة من التاريخ وكانت من أهم أسباب الألفة فى المجتمع الإسلامى ( فما أحوجنا إليها الآن).
ناس ماشية فى الشارع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة