وقال تُدرى، قبل أن يلفظ ثورته الأخيرة: تجريم إهانة الثورة ضد مبادئها!
آه، وما هى مبادئ الثورة؟ أن يقال عنها مؤامرة وعمن شاركوا فيها وفقئت أعينهم، أو سجنوا ظلما، أو قتلوا، أو دمرت حياتهم، بأنهم خونة وعملاء؟ ومن الذى يوجه إليهم هذه الاتهامات، ثلة من الإعلاميين الذين يتقاضون الملايين سنويا، لا يخافون الله، لا يخشون أن ينفقوا هذه الملايين على المرض مثلا، أو أن يذهب مال الكنزى للنزهى ويبتليهم الله بولد مدمن على أقل تقدير، أو تنقلب هذه الملايين وبالا عليهم، أو أن يستبدل الله أمنهم فزعا... «إنشالله يا رب»، يديك على قد عملك يا كل مفترى على الناس بالكذب وكل خائض فى الأعراض وكل متهم للناس بلا دليل ولا بينة، لو أعلم أن من مبادئ الثورة أن يكون مبدأ الناس فى البلاد: اللى يوضيهم زى اللى ينجسهم، لما كنت شاركت فيها، ولكنت وفرت جهدى وأعصابى ووفرت على نفسى الكوابيس، والأقساط، والديون، مصر هى البلد الوحيد التى يكون فيها «العميل والجاسوس» مديونا، ويكون الوطنى «مليونيرا»! طب بالله شغلونى وطنية شهرين بس أسد اللى على، وإن لم ترغبوا فى قبولى فى وظيفة «وطنية»، فلا بأس من أن أتبرع لصندوق تحيا مصر بكل ديونى التى كسبتها من العمالة والجاسوسية، خذى ديونى وأقساطى يا مصر، على الله يتحجز عليك.
من يقولون بأن قانون إهانة الثورة هو تكميم للأفواه، كما قلنا فى المقال السابق مجموعة من المرتزقة الذين يتقاضون الملايين فى مقابل اتهام الناس فى وطنيتهم وأعراضهم، وهم أنفسهم أصحاب شعار «أفرم يا سيسى»، فمن أين واتتهم المشاعر الديمقراطية المباغتة؟ أما الثوار الذين يعترضون على القانون فهم لا يستطيعون العيش بدون مزايدة.
لكن لفتنى فى لقاء الرئيس بالإعلاميين الشباب بعض العبارات، أولها أنه قال عن المحبوسين ظلما: لو أضمن إنهم لما يخرجوا ما يئذوش البلد أخرجهم.
والحقيقة إن العبارة هالتنى وروعتنى، الرئيس يعلم إنهم محبوسون ظلما، ويصرح بإنه يتخوف من إطلاق سراح مظلومين لإنه لا يضمن إنهم إذا ما خرجوا «ما يئذوش البلد»! سبحان الله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!! وهل يُحبس الناس، وقد عُلم إنهم مظلومون، تخوفا مما قد يفعلونه إذا ما خرجوا من السجن؟ وهل آذوا البلاد قبل أن يدخلوا السجن حتى يظن الرئيس أنهم «احتمال» يؤذونها بعد أن يخرجوا؟ وماذا عن الذى آذى البلاد والعباد وسمم الأرض والنبت بل وآذى أجيالا وأجيالا قادمة لعدة عقود، ومع ذلك حصل على البراءة وهو ليس بالمظلوم؟ إن كان الرئيس يعلم إنهم مظاليم، ويقدر على إطلاق سراحهم، فإن الله سيسأله عن هؤلاء المظاليم إذا ما قابل الله وهم مازالوا فى محبسهم.
عبارة أخرى قالها الرئيس فى لقائه بالإعلاميين الشباب، إذ قال بإنه لا يستطيع التحكم فى الإعلام! الحقيقة إننى لا أرغب من الرئيس أن يتحكم فى الإعلام، لكن المرتزقة من الإعلاميين، الذين - تانى - يتقاضون الملايين سنويا «حافضل أنبر عليهم كده، لحد ما ينفجروا فى وشهم»، لديهم قرون استشعار تنبئهم بما يرغب الرئيس فى سماعه، هم مجموعة من الطبالين والمنافقين، لو أنهم علموا من الرئيس أنه يكره كلامهم لما قالوه، والأمر لا يستدعى أن يخاطب الرئيس، ولا حتى مساعد الرئيس، ولا عسكرى من مكتب الرئيس، صاحب القناة، فقط، يشاع بين المحيطين بالرئيس أنه متأفف، وهذا يكفى.