شيئان متناقضان يؤرقانى ويفتحان ملفا واحدا، هو الملف الشائك، والشيئان هما ظاهرة الانتحار التى لم تكن تعرفها مصر أبدا، حتى إنها وصلت إلى إحدى عشرة حالة انتحار فى أسبوع واحد، والشىء الثانى أو المصيبة الثانية فهى الإلحاد. ولعل الاثنين وجه لعملة واحدة وجهها الآخر هو التطرف الدينى.. ومعنى هذا أن الفكر الذى ساد لسنوات طويلة فى عقول الشباب وسيطر عليهم ووصل بهم إلى هذه الحالات المدهشة والبعيدة تماما عن ديننا وعن تقاليدنا وعن تراثنا، هذا الفكر لم يكن نابعا من التعليم المصرى ومن الآداب المصرية ومن القيم التى عرفت عنا، وكانت مثالا ونموذجا يحتذى، أما الغرب فلم يكن يعرف هذه التقاليد.. وحين كانت تتكرر حالات الانتحار هناك كنا نرجعها إلى زيادة الرفاهية فى هذه البلاد وهى نظرية عرفناها من علماء الغرب أنفسهم.. أما أن الظاهرة قد انتقلت إلى أرضنا فهى أشد خطرا لأنها لا تشير طبعا إلى رفاهية.. بل إلى كساد وإلى زيادة معدلات البطالة.. وإلى جانب هذا وذاك المشاكل الشبابية المعتادة سواء الزواج العرفى. أو السكنى فى العشوائيات والتى يتفجر معها كل أزمات الشباب المتوراثة منذ ثلاثين عاما على الأقل.. والأزمة حاليا لا يمكن أن نضعها بين كفى أحد المسؤولين أو غيره.. وإلا نكون من الظالمين.. الأزمة تشمل كل العهود السابقة التى أوصلت الشباب إلى هذا المستوى المشتت من الفكر.. كنا نصف بعض الأحياء بالعشوائية فإذا بنا نصف اليوم أفكار المجتمع بالعشوائية، فهى بين المغالاة الشديدة فى الدين التى تصل إلى حد التطرف أو تكفير المجتمع أو على الأقل تكفير الآخرين.. ثم فى المقابل الضياع الدينى الذى يصل إلى كثير من الشباب بل إلى كثير من الكبار سنا إلى مرحلة غريبة من الإلحاد.. وقد بدأت فردية منذ سنوات لتكون اليوم فى قمتها عند عشرات الآلاف فى تجمعات مخيفة وكأنها دعوة يراد بها تدمير مجتمعنا الذى انتصر للوسطية فى كل شىء.
الوسيطة فى الإسلام والوسطية فى الفكر والوسطية فى مدارس الأدب والفنون نحن اليوم فى مرحلة تحتاج إلى تكاتف رجال الدين مع رجال الفكر والأدب لمواجهة هذا السيل الجارف من التطرف على الجانبين فإذا وصل ببعض الشباب الآخر إلى حافة الانتحار فإن هذا مؤشر أن الفكر عندنا يحتاج إلى اعتدال فى الميزان وإلى مراجعة سريعة لأن الأمر لا يحتمل التأجيل أو امتداد الخطأ إلى مجهول.. ثم لماذا لا تراجع وزارة الثقافة خطتها لتثقيف الشباب بالتوازى مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالى. هل تطالب بعودة القوافل الثقافية الفنية لنشاطها الأول منذ خمسة عشر عاما حيث حققت تجاذبا مع الناس وتلاحما مع الأعمال الفنية والمسرحية والثقافية والندوات واللقاءات المتتالية بين كبار الأدباء من ناحية والأدباء الشباب من ناحية أخرى.. كل هذا كان يحرك الماء الراكد ويثير الجدل الذى من شأنه الرسو على اليقين وعلى شاطئ الأمان.. هذا الفكر بكل أشكاله المتناحرة والمتصارعة يشكل الخطر الأكبر على شبابنا ومن حقنا أن نلحق بهم سريعا ليلحقوا هم أيضا بركب الحضارة الحديثة بكل كمالها الوجه الفكرى والعلمى والدينى.. وكل منهم يكمل الآخر ولا يتناقض معه.. أرى أنه اليوم وليس غدا يجب أن ننهض لإنقاذ هذه الأفكار الهدامة وأنا أثق أنها واردة من الغرب ومن الفكر الصهيونى الذى يريد أن يغرس فى ضمير أبنائنا هذا الخواء الفكر والذى يثمر بدون أى مجهود، الأفكار الإلحادية.. أتمنى أيضا أن تضاف مادة لطلبة المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية تكون موازية لمادة الدين. تسمو بهؤلاء الطلاب ليعرفوا أن الدين أبدا لا ينعزل عن العلم بل يؤكده وأن الدين أبدا لا يتنافى مع التطور الحضارى ومع كل نظريات الاجتهاد.. اللهم بلغت اللهم فاشهد!
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الانتحار والالحاد كلاهما نتيجة فساد وكلاهما ينذر بقرب قدوم ثورة الجياع - انتبهوا ياولاة الامر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
أشرف جمال الدين عبدالغنى البرانى
هنال أسباب كثيره