أحمد بان

أمريكا راعية حقوق الإنسان فى العالم

الأربعاء، 17 ديسمبر 2014 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هكذا سوقت دائما الدعاية الأمريكية الدولة الأكبر فى العالم، بأضواء الميديا بالرغم من أنها الدولة التى انتهكت حقوق الإنسان على امتداد تاريخها، بل كانت نشأتها نفسها أكبر انتهاكا لحقوق الإنسان الهندى الأحمر الذى أبادته وانتهكت إنسانيته، فى أكبر حملة إبادة جماعية فى التاريخ لدولة قامت على الإبادة والظلم.

قامت الدنيا ولم تقعد على خلفية تقرير صدر عن لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكى، كشف انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وممارسة التعذيب بوسائل بالغة الوحشية والعنف، اعتبرها البعض جرائم ضد الإنسانية، كما عبر المدعى العام السابق بسجن جوانتنامو، الذى وصف ما كشف عنه التقرير بأنه خرق للمعاهدات الدولية وتعتبر جرائم حرب.

بينما وصف ديك تشينى، نائب الرئيس الأمريكى الأسبق بوش، التقرير بأنه ملىء بالحماقة، وأن أساليب تحقيقات CIA كانت بعلم بوش، ويمكن أن يكررها، قائلا: الإعدام الوهمى والضرب والإماهة والتغذية الشرجية والحرمان من النوم، ساعدت الولايات المتحدة فى القبض على الأوباش الذين قتلوا 3000 مواطن أمريكى فى «11 سبتمبر»، هكذا بدون خجل يتحدث نائب الرئيس الأكثر دموية فى تاريخ الولايات المتحدة، الذى قاد حرب الخليج لتدمير العراق وإعادته إلى ما قبل الدولة، هو وبول بريمر حاكم العراق الذى كان مسؤولا عن مساخر سجن أبوغريب، أحد معتقلات أمريكا فى العراق، الذى فاق سجن جوانتنامو فى وحشية الجرائم التى ارتكبت فيه، والتى لم يتعرض لها تقرير الكونجرس، كما لم يتعرض لجرائم أمريكا ورجال مخابراتها الذين تورطوا فى جرائم مماثلة فى 54 دولة، كشف تقرير غربى عن تعاونها مع جهاز CIA فى جرائم مماثلة حدثت على أراضيها، فى أماكن احتجاز وسجون خارج الولايات المتحدة الأمريكية فالقانون لا بأس أن تخالفه، ولكن خارج حدود أمريكا، لذلك لم يجد رئيس دولة أوروبية كبولندا ألكساندر كواسنيوسكى حرجا، فى أن يقول إن بلاده قد وافقت على تقديم منشأة على أراضيها للحكومة الأمريكية، حيث يمكن للاستخبارات الأمريكية الحصول على معلومات من مصادر، دون أن ينسى أن يؤكد أنه لم يكن على علم بما يجرى داخل هذه المنشأة ولا عزاء لسيادة الدول، من بين هذه الدول التى تعاونت مع أمريكا فى هذا المجال الفاضح 10 دول عربية منها مصر والسعودية والأردن.

هذا التقرير الذى صدر من سلطة ضمير هى مجلس الشيوخ، هل سيمر عبر لجان المجلس ليتطور إلى مساءلة لمن أجرم وتقديمه للقضاء الأمريكى، الذى ما فتئت أمريكا تصدعنا باستقلاليته وقوته، أم أن البشر فى النهاية نوعان، درجة أولى هم الأمريكان واليهود والأوربيون، والباقى هم من الدرجة الثانية وضع القانون لملاحقتهم هم دون غيرهم، لم تجد سى أن أن غضاضة فى أن تقول إن أحد المتهمين وهو خالد شيخ محمد، المتهم الأول بأحداث الحادى عشر من سبتمبر، هو الرجل الوحيد الذى قهر تقنيات الاستجواب وهو الاسم المهذب للتعذيب، كما ورد فى التقرير الأمريكى، عذب الرجل بطريقة الإيهام بالغرق 183 مرة أى سادية وأى وحشية تلك.

التقرير بالمناسبة يقع فى 6000 صفحة، ما كشف منه لم يتجاوز 500 صفحة فقط، بينما حجب باقى التقرير الذى يضم مساخر وجرائم أمريكا فى حق الإنسانية، التى لم تنته فى فيتنام أو العراق أو جوانتنامو، بل تتواصل فى 54 دولة تعاونت وما زالت تتعاون معها فى إطار اتفاقات مشبوهة، اللطيف أن الأمم المتحدة دعت للتحقيق فيما تضمنه هذا التقرير، تماما كما دعت من قبل فى 2010 الحكومة الأمريكية والبريطانية للتحقيق فيما تسرب عبر وثائق ويكليكس عن التعذيب، ودفن الموضوع فى أضابير الخارجية الأمريكية والبريطانية الضعفاء فقط فى هذا العالم هم من يحاكمون، أما الأقوياء فيضعون القانون ليطبق على هؤلاء الضعفاء.

تتحدث أمريكا دوما عن حقوق الإنسان وتجعلها ذريعة التدخل فى شؤون الغير، عبر أدوات متعددة ليس أقلها منظمات المجتمع المدنى التى هى حصان طروادة الذى تتدخل من خلاله فى قرارات وسيادة الدول، حيث تفضل دوما أن تحتكر معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان وتمنح عبر تقارير تصدرها درجات للدولة بحسب مستوى خضوعها للمصالح الأمريكية، تأمل مثلا تقرير الحقوق الدينية وغيره من التقارير التى تصدرها الحكومة أو المؤسسات الأمريكية الخاصة، لماذا لم نسمع تعليقا أو تقريرا عن منظمة العفو الدولية بخصوص هذا الأمر.

أمريكا فى النهاية ترعى مصالحها وتتوسل فى ذلك بكل الوسائل الشريفة والخسيسة، وتدوس القانون الدولى إذا تعارض مع مصالحها فهى ليست دولة مبادئ ولا موطن الملائكة على الأرض، بل هى إمبراطورية الشر الحقيقية فى العالم التى تمارس الإرهاب ضد الشعوب، وتدعم أكبر كيان إرهابى استئصالى لا تتوقف جرائمه هو الكيان الصهيونى المسمى إسرائيل، وتدعم كل حكومة ونظام ما دعم مصالحها، وإن كانت على حساب حرية شعبه وحقوقه ومصالحه.أمريكا هى من دعمت إسرائيل وكل كيان إرهابى فى العالم، ولعل دعمها لداعش كلاعب إقليمى جديد وأداة لتقسيم سوريا والعراق ما يؤكد انحيازاتها رغم تحالف وهمى تقوده لحربها. قيم الإنسان لا تتجزأ فى أى مكان فى العالم داخل أمريكا أو خارجها، والأمم المتحدة فى هذا المحك عليها أن تحدد هل هى رابطة حقيقية للأمم المتحدة تسعى لإقرار العدل والسلم الدولى، أم أداة تشرع البلطجة الأمريكية والعربدة فى العالم بحقوق الدول والشعوب.

أتمنى أن نصل إلى يوم فى عالمنا العربى نكون قادرين على تأكيد قيمنا الأخلاقية على مستوى الممارسة وعلى مستوى الحقوق، لنصدر نحن تقارير تتحدث عن مستويات تقدير حقوق الإنسان فى العالم، ونضع مقاييس نتصدرها نحن بسلوكنا الحضارى الذى يليق بموروثاتنا الدينية والتاريخية، أما أمريكا فعليها إذا كانت راغبة أن تبقى قوة كبيرة فى هذا العالم تدعى التحضر والمدنية، أن تعيد النظر فى جملة سياستها نحو دولنا وحقوق شعوبنا، خصوصا الشعب الفلسطينى وحقه فى دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والتوقف عن إثارة الكراهية فى نفوس شعوبنا تجاه الحكومات الأمريكية التى كلما استبشرنا خيرا بواحدة، جاءت الأخرى أسوأ منها وأحرص على عداوتنا، أمريكا تستثمر فى صناعة كراهية ستطيح بأمنها فى النهاية الذى يبقى مرهونا بالانتصار لقيم حقوق الإنسان والتقيد بالقانون الدولى واحترامه، والتأكيد على شراكتها مع غيرها من الأمم فى صيانة السلم الدولى، الذى لا يمر إلا عبر العدل واحترام حقوق الإنسان كل إنسان.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة