هل الدولة بأجهزتها ترتكب أخطاء؟ نعم، وتتم بشكل يومى، ومن الممكن أن أسجل لك قائمة بـ100 خطأ، وفى المقابل هل الدولة تحقق إنجازات ونجاحات؟ للإنصاف.. طبعا نعم، ولكن ما تحققه الدولة لا يلقى الاهتمام الإعلامى المطلوب ويفتقد التسويق السياسى من قبل الدولة نفسها فيبدو كما لو أنه لم يُنجز فعلا.
انتبه قليلا فى أمرين سأعرضهما عليك، وستكتشف بنفسك المأساة..
الأول: نشرة المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لمصر فى أكتوبر 2014، تشير إلى تأسيس 663 شركة فى 2014 برأس مال 700 مليون جنيه وارتفاع حجم رأس مال عدد آخر من الشركات بواقع 375 مليون جنيه.. «خزن الرقم فى عقلك سنحتاجه بعد قليل».
الثانى: شريف سامى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أعلن قبل أيام قليلة عن صدور موافقات لـتأسيس 2803 شركات فى 2014 برأس مال 30 مليار جنيه.
بهدوء.. اجمع عدد الشركات التى تم تأسيسها مع ما صدر بشأنها من موافقات، فستجد أنك أمام 3466 شركة برأس مال يتعدى 31 مليارا، الطبيعى أنها تخلق رواجًا فى سوق الاستثمار المصرى وتحدث حالة جديدة من الانتعاش فى الاقتصاد، ولكن الواقع غير ذلك.. أنا وأنت لم نشعر بها فى وسائل الإعلام، لم نشاهدها فى شريط الأخبار العاجلة أو صدر الصفحات الأولى، بل لم يعلم بعضنا عنها أى شىء من الأساس.
لعدة أسباب بسيطة يمكن تلخيصها فى الآتى:
1 - لم تعقد وزارة الاستثمار مؤتمرا كبيرا يضم ممثلى الشركات الجديدة للإعلان عنها بشكل جماعى، وهو مؤتمر سينتهى بدفعة جديدة لكل الشركات ورسالة كبيرة للغرب بأن عجلة الاستثمار فى مصر تدور سريعا.
2 - حتى الوزارات المعنية بملف الاقتصاد والاستثمار لم تبذل جهدا لتسويق المشاريع، فالنافذة الأساسية لكل وزارة، وتحديدًا المواقع الإلكترونية لوزارات المالية، والتخطيط والتعاون الدولى، والاستثمار، خلت من الترويج للمشاريع والشركات الجديدة، اللهم إلا خبرا بسيطا على موقع مركز معلومات مجلس الوزراء.
3 - الهيئة العامة للاستعلامات، وهى المنوط بها تصدير أخبار مصر للخارج، كانت بعيدة كل البعد عن الشركات الجديدة، عن الأموال التى تم ضخها فى سوق الاقتصاد المصرى، لم تبرز الخبر أو تروجه ولا أعلم إن أرسلته للسفارات الأجنبية فى القاهرة.
4 - حقيقة لا أعرف ما هى طبيعة الشركات الجديدة، هل شركات أموال أم بنية تحتية أم تكنولوجيا أم صناعات صغيرة أم تصدير واستيراد؟ المغزى من وراء السؤال، هو معرفة توجه الاستثمار المصرى، وبالتالى سنعرف موقفنا الحالى، وماذا نفعل، وماذا نريد فى اقتصاد المستقبل.
5 - أخيرا.. لم يخرج لنا مسؤول حكومى واحد يقول إن الدولة بحاجة إلى 1000 عامل مثلا فى الشركات الجديدة، بواقع 200 عامل فى شركة تكنولوجيا و300 فى شركة بنية تحتية وطرق و100 فى شركة أوراق مالية.. الأصل هنا أن الدولة لم تستخدم تلك المشاريع لتوظيف شبابها بالشكل المناسب المنهجى وتركت الوظائف للاجتهادات الشخصية والوساطة.
خلاصة القول.. مثال الشركات الجديدة دليل حى على سوء تسويقنا لمشاريعنا الاقتصادية الجديدة ولشركاتنا التى تتأسس يوميا، مثال على عدم اهتمامنا بالبناء الكلى وانشغالنا بالتفاصيل التى ترهقنا.
أعلم أن مصر على أعتاب مؤتمر اقتصادى كبير فى مارس، ولكننا بحاجة قبل المؤتمر لمن يرسم لنا سياسات التسويق الحقيقية لمشاريعنا، كى لا نقع فى نفس الأخطاء، وكى تظهر النتائج مبكرًا على أرض الواقع ولا نكون كمن من يحرث فى البحر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة