محمد الدسوقى رشدى

الأغبى من المؤمن الغبى

الجمعة، 19 ديسمبر 2014 10:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس جيدًا أن تكتب عن نجيب محفوظ، بل الجيد أن تقرأ ما يكتبه نجيب محفوظ عن مجتمعك ومستقبلك.. هل تريد ما هو أفضل؟!، تدبر الآتى من كلمات أديب نوبل بعد أن ارتدى ثوب عبدربه التائه، وتأمل تفاصيلها تحصل على كثير من الإجابات للأسئلة التى تشغل بال مصر.. محفوظ كان يرى المستقبل، تلك الحقيقة المجردة فلا تهرب منها، وحاول أن تتعلم.

- هذه محكمة وهذه منضدة يجلس عليها قاض واحد، وهذا موضع الاتهام يجلس فيه نفر من الزعماء، وهذه قاعة الجلسة، حيث جلست أنا متشوقا لمعرفة المسؤول عما حاق بنا، ولكنى أحبطت عندما دار الحديث بين القاضى والزعماء بلغة لم أسمعها من قبل، حتى اعتدل القاضى فى جلسته استعدادا لإعلان الحكم باللغة العربية فاستدرت للأمام، ولكن القاضى أشار إلىّ أنا، ونطق بحكم الإعدام، فصرخت منبها إياه بأننى خارج القضية، وأننى جئت بمحض اختيارى لأكون مجرد متفرج، ولكن لم يعبأ أحد بصراخى.

- انتصر العدو واشترط لوقف القتال أن يتسلم تمثال النهضة الذهبى المحفوظ فى الخزانة التاريخية، وذهبت مع فريق لنحضر مفتاح الخزانة المحفوظ بالصندوق الأمين، ولما كشفنا غطاء الصندوق تبدى لنا ثعبان مخيف ينذر بالموت كل من يدنو، فتفرقنا وأنا أدارى فرحتى وأدعو للثعبان بالسلامة والتوفيق فى حفظ المفتاح.

- قال الشيخ عبدربه التائه: لا يوجد أغبى من المؤمن الغبى، إلا الكافر الغبى.

- سألت الشيخ عبدربه: ما علامة الكفر؟ فأجاب دون تردد: الضجر.

- سألت الشيخ عبدربه التائه: كيف تنتهى المحنة التى نعانيها؟ فأجاب: إن خرجنا سالمين فهى الرحمة، وإن خرجنا هالكين فهو العدل.

- الشيخ عبدربه التائه قال: عثر يوما على حقيبة تحوى كنزا من المال وفيها ما يدل على شخص صاحبها وعنوانه، وكان من المنحرفين الذين ابتليت بهم البلاد، فقررت ألا أردها إليه، وأودعتها سرا بدروم رجل فقير من أصحابنا عرف بالتقوى، وأنا لا أشك فى أنه سينفقها فى سبيل الله، ثم علمت أنه ردها إلى صاحبها، متنازلا عن حقه الشرعى فيها، فحزنت وأسفت، ثم توفى صاحبنا التقى الفقير، فهرعت إليه، وغسلته وكفنته، وحملته إلى الجامع، وصليت عليه، ولما انتهت الصلاة لمحت بين المصلين خلف نعشه الرجل الغنى المنحرف وهو يبكى بحرارة، واهتز فؤادى وقلت «سبحانك يا مالك الملك، تعلم ما لا نعلم، وربما جاءت الصحوة بإذنك من حيث لا يدرى أحد». قال الشيخ عبدربه التائه: من خسر إيمانه خسر الحياة والموت.

المقاطع السابقة من أقوال الشيخ عبدربه التائه، ومن أحلام فترة نقاهة نجيب محفوظ، تحتاج منك إلى إخلاص فى التركيز حتى تستخلص روعة دستورها الإنسانى الذى يعرف جيدا قيمة المعنى، وكيفية خلقه، حتى إنه قال فى «السكرية»: «إذا لم يكن للحياة معنى، فلم لا نخلق لها معنى؟! ربما كان من الخطأ أن نبحث فى هذه الدنيا عن معنى، بينما إن مهمتنا الأولى أن نخلق هذا المعنى».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة