تقدم الأمم واندفاعها إلى الأمام يكون بالبناء الذى يعود على مواطنيها بالمصلحة، والحكم الرشيد هو الذى يبنى فى كل المجالات، يبنى وفى يقينه أنه لا يقدم نفعا للحاضر وفقط، وإنما يبنى للمستقبل، هكذا هو التاريخ بحقائقه، لكننا فى فترة حكم مبارك رأينا العجب، رأينا نظام حكم يفتخر ويتباهى بالبيع لا البناء، وتلك مسألة كان يستوجب محاكمته عليها.
رأيناه يطرح صروح مصر الصناعية فى سوق النخاسة باسم الخصخصة، رأينا دولة تسخر كل إمكانياتها لبيع شركاتها ومصانعها التى بناها المصريون بعرقهم، وأفنى العمال عمرهم فيها، وفى كل صفقة بيع لشركة ومصنع هناك قصص هائلة للفساد، بدءا من تسهيلات بنكية يتم تقديمها للمحاسيب الذين تقع عليهم مزادات البيع، وبلغ الفساد فى ذلك حد أن هناك من اشترى ثم استدان من البنوك، وبعد ذلك يمول النشاط المستمر للشركة أو المصنع عملية السداد، بما يعنى أنه فى الحصيلة النهائية لم يدفع المشترى شيئًا من جيبه، أى اشترى ببلاش، وهكذا كانت تذهب الثروة الوطنية إلى حفنة قليلة، هى «رأسمالية المحاسيب» الذين يمتلكون أهم مؤهل وهو القرب من دائرة النفوذ فى نظام مبارك، ولعلنا جميعا نتذكر الذين يمتلكون أهم مؤهل وهو القرب من دائرة النفوذ فى نظام مبارك، ولعلنا جميعا نتذكر نشاط المخيلة الشعبية فى استحضار أسماء بعينها تقترن بعملية التسهيلات فى أمور البيزنس وبيع وشراء الشركات والمصانع والأراضى، كان هذا الاستحضار بمثابة احتجاج نفسى هائل على الأوضاع، تحول فيما بعد إلى احتجاجات صغيرة، ثم كبر حتى أخذ صورته الكبرى فى ثورة 25 يناير. فى قضية الخصخصة التى تعد أكبر عملية نهب لثروات مصر فى تاريخها الحديث، تم تسريح ملايين العمال باسم «المعاش المبكر»، وكان ذلك جريمة كبيرة تمثلت فى تحويل طاقات إنتاجية اكتسبت خبراتها الهائلة إلى عاطلين يجلسون فى بيوتهم، ولم يحدث ذلك من أجل توسيع الفرصة لخريجين جدد، وإنما لتهيئة البيع للمشترى الذى يريدها بيضة مقشرة، وكانت النتيجة تمدد رقعة البطالة وتزايدها بشكل فادح، حتى ضربنا رقما قياسيا فى عدد العاطلين أثناء حكم مبارك.
تغيير نشاط الكثير من الشركات التى تم بيعها، هو مما يجب محاكمة مبارك ونظامه عليه، بعض هذه الشركات تعمد أصحابها إلى تخسيرها لوقف نشاطها، وبعضهم حولها إلى عقارات وبيعها، وهكذا كان يتم تدمير ثروتنا الوطنية، بينما يقف النظام متفرجا ومشجعا، وكأنه لا شىء يحدث فى مصر. اعتبر نظام مبارك أن «الخصخصة» مشروعا يتغنى به، ومن يعُد إلى الصحف الرسمية وقتئذ فسيجد أخبارا منشورة عن زيارات لوفود ومسؤولين من دول العالم ليدرسوا ويسألوا ويستفيدوا من تجربة مصر فى الخصخصة التى تسير بنجاح ودون قلاقل اجتماعية «هكذا كانت تتحدث أخبار الصحف»، وشاعت هذه المسألة تحديدا أثناء رئاسة الدكتور كمال الجنزورى للحكومة، كان الأمر فى حقيقته زفة إعلامية كاذبة تريد إقناع المصريين بأن مصر بتجربتها فى الخصخصة هى محور العالم، ومحل انشغال الدوائر الاقتصادية العالمية، فى حين كان الفشل عظيما، والدليل يأتى من نظام مبارك نفسه، حين توقف عن البيع فى السنوات الأخيرة، واخترع محمود محيى الدين وزير قطاع الأعمال فى حكومة نظيف، الصكوك الشعبية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
دراكولا فى المدينة
الصكوك الثورية الحمدينية
عدد الردود 0
بواسطة:
الأستاذ
المعادلة الصفرية السيساوية
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
هل ينام مبارك
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو يوسف
دي هوامير وحيتان نجانا ربنا منهم
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيخ
أحاكمك على أيه ولا أيه ولا أيه ؟