سعيد الشحات

عمار الشريعى بين السنباطى وعبد الوهاب «11»

السبت، 20 ديسمبر 2014 07:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مازلنا فى عالم «السنباطى» و«عبد الوهاب»، والحديث يتدفق من عمار الشريعى، كان عمار الشريعى يذكر ألحانا لـ«رياض»، يدلل بها على رؤية قالها: «رياض معمارى فى موسيقاه، النهاردة هنرمى أساس العمارة، وبكرة هنرفع الأعمدة، وبعده هنرمى السقف، ونسدد بالطوب، وكل يوم نعلى دور، ونعمل التشطيبات، فتطلع عمارة شيك»، اللحن عنده تخطيط هندسى معمارى مدروس بالسنتيمتر، أقول له: «الموسيقار كمال الطويل قال لى كلاما شبيها بذلك»، يرد: «طبعا، عشان هو عم كمال».

أجدد معه قصة «وهابى ولا سنباطى»، فيستدعى من مخزون ذكرياته قصة: مرة اتصل بى الأستاذ «عبدالوهاب»: عمار يا حبيبى بتعمل إيه؟ قلت: «مفيش يا أستاذ»، أمرنى: «افتح التليفزيون، اسمع أم كلثوم بتغنى «حديث الروح»، ونتكلم بعدها»، انتهت الأغنية، طلبت الأستاذ: سمعت يا حبيبى، الله عليك يا رياض، قالها الأستاذ بتنهيدة عميقة مضيفا: رياض يجبرك على أن تكون صوفى عايش فى الملكوت وأنت بتسمع الأغنية، إيه الجلال ده؟ أم كلثوم بتغنى بوجدان صوفى، أنا سالت دموعى، كأنى أسمع اللحن لأول مرة، يزيد عمار: الأستاذ قال، وأنا قلت، وكأننا بنسمع حديث الروح لأول مرة، كان عمار يروى القصة مقلدا صوت عبد الوهاب، ويدندن بصوت أم كلثوم فى «حديث الروح».

«أنت هنا أمام أستاذين بجد، أعطيا عمرهما لكل هذا الجمال، شغلهما التجديد، لم يشغلهما معارك صغيرة، ولا مقارنة بينهما، هى ترف فكرى من البعض»، هكذا قال عمار، فأغرانى بسؤال، عن حدود التكوين الفكرى والشخصى للعملاقين؟ فجاءت إجابته مدهشة: تقدر تقول الأساس فى الطفولة قريب من بعضه، أساس ابن عصره، الاتنين متقاربين فى السن، شاهدا مرحلة بدايات القرن العشرين بكل ما فيها، فكر، فن، سياسة، احتلال، خديو، سلطان، حرب عالمية أولى، جنود بيتلموا بالكرباج فيها، فقر دكر للمصريين، لا تستطيع عزلهما عن هذه البيئة، لكن عبد الوهاب عمل إيه؟

أردد سؤاله: «عمل إيه؟»، يجيب: عبد الوهاب تميز بموهبة ضخمة جدا، عيناه وأذنه فى الساحة، يروا النجاح فين، يأخذوه، يطوروه، يضيفوا له ميزتين، ثلاثة، وينزل به، هى قدرة على الاستيعاب، حتى وفاته كان يتمتع بعقل فظيع، لو حكى لك قصة سبع مرات، ستندهش من أنه يقول نفس الأساسيات والإضافات فى السبع مرات، تكاد تقول «نقل مسطرة»، أضف إلى كل ذلك التوفيق من عند الله، عبد الوهاب أكثر واحد عايش النجومية والأستاذية، أكثر من عايش الملوك والرؤساء، بل كان واحد منهم، وعلى تاريخ الموسيقى العربية هو أسعدهم حظا، والذين ربوه قدموه، أمير الشعراء أحمد شوقى علمه فن الانتقاء، سعد زغول ومصطفى النحاس علماه فن التخاطب وتلقى الأمور، التصاقه بالملوك والرؤساء أعطاه هيبة تفرد بها فى زمن كان الممثل فيها مشخصاتى، والمطرب مغنواتى، لكن عبد الوهاب فضل طول عمره «عبد الوهاب».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة