سؤال حاكم، يلح علىّ، ولا أجد له إجابة، مفاده، لماذا «يلبس» - أو يركب باللهجة الدارجة - الجان، المسلمين فقط، خاصة السيدات، ولا يمر حتى مرور الكرام بجوار الأوروبيين والأمريكان، أو اليابانيين والصينيين، والهنديين، أو حتى أعدائنا الإسرائيليين؟ وهل العفاريت والجان منتشرون فى بلاد المسلمين، ويختفون فى بلاد «الفرنجة» من الكفار والملحدين؟
الحقيقة، كم من الجرائم ترتكب باسم الإسلام، وكم من ممارسة البزينس الأسود من وراء التجارة بالدين عيانا جهارا، ودون أى وازع من دين أو خوف من التجرؤ على الله، سبحانه وتعالى، مثل إعلان الإخوان وداعش وأنصار بيت المقدس والقاعدة وجبهة النصرة والجماعة الإسلامية، الجهاد فى بلاد المسلمين فقط، وقتل والتمثيل بجثث من ينطقون شهادة أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله، فى حين لا يطلقون ولو حتى رصاصة خرطوش واحدة تجاه الكفار من بنى إسرائيل، لتحرير المقدسات الإسلامية!!
تركيز عمل ونشاط الجان والعفاريت، فى بلاد المسلمين فقط، أمر غاية فى الغرابة، وإقامة حلقات الزار، واستخراج الجان، والرقى الشرعية، وحصر إصدار الفتاوى الدينية فى النصف الأسفل فقط من جسد الرجل والمرأة، فى الوقت الذى يصعد فيه غيرنا من الشعوب إلى القمر، وكوكب المريخ، وبذل الجهد فى العمل، والابتكار، والاختراعات التى تساهم فى تقدم البشرية، إنما يدل على إننا نعيش فى العصور المظلمة.
المصيبة الكبرى، أن الذى أجاز أن الجن يخترق جسد الإنسان، علماء يعتبرون حجة الإسلام من عينة «الطبرى والماوردى والبغوى والنسفى وابن كثير وابن تيمية وابن القيم» وغيرهم كثيرون، وحجتهم فى ذلك الآية رقم 275 من سورة البقرة والتى تقول: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ».
وابن تيمية على سبيل المثال، ذهب إلى ما هو أبعد حيث قال: أن الإنس قد يؤذون الجن بالتبول عليهم، أو بصب ماء ساخن، أو بقتلهم، دون أن يشعروا، فينتقم الجن حينئذ من الإنس «بالصرع»، مؤكدا، وجازما أن اختراق الجن لبدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة.
ورغم تسليمنا برأى الأئمة جميعا، إلا أن هؤلاء الأئمة لم يجبونا على سؤال لماذا «يلبس» الجن والعفاريت المسلمين، خاصة النساء، ولا يقترب نهائيا من الأجانب بكل طوائفهم ومعتقداتهم، سواء السماوية أو الأرضية، وكأن الجان والعفاريت لا يقيمون إلا فى بلاد الإسلام!!