صكت أنفى رائحة منتنة، فتحركت حذرا، لأواجه جيفة حمار ترسو فى حرف الترعة!
أمسكت معدتى وأقعيت أفرغها. دفعوها بيد مكنسة لتذهب إلى حالها!
ثم قالوا صرت مقروفا.
رأسى تئز، رغم امتصاصى فص ليمون. الطعام الذى ألحوا على لأقبله كان يفح نتنا.
فى قلب الطبق قائمتاه المرفوعتان، وبطنه المشدودة كالطبلة، وأسنانه المطبقة على الحيرة!
فص ليمون آخر، لكن معدتى لا تزال كالدوامة!
قالت أمى للجارات باكية صباحا:
- طول الليل يقول، أوع! وما دخل جوفه لقمة.
جارنا الذى يأتى فى المناسبات الخطيرة قال:
- هذه إشارة! ألم يلفت نظرك شئ فى الجيفة؟
- كانت بأذن واحدة.
- ألم أقل لك إنها إشارة؟
أمى قالت:
- اذهب إلى شجرة برنوف، وقل أنا مقروف، ثم التهم حفنة أوراق.
صحت ويدى على معدتى متذكرا:
- الحمار النافق كان تحت شجرة برنوف بالفعل!
نمت ساعتين فقط، وأفقت فجرا. آثار التفكير على سطح ذهني.
هرعت إلى الحمام أتقيأ.
لا أستحق شرف الإشارات! بل مجرد شخص مقروف، عليه البحث عن برنوفة، لا يرقد تحتها حمار ميت.
الترعة نائمة، انحنيت أبحث عن شجرتي، ثمة حبق وجلبان وسلق وخبيزه وفساء كلاب فقط.
لم ألتق أحدا ممن قالوا إننى مقروف، فيخمنوا مقصدي. أشفق أن يلتقطوا من جار المناسبات قصة الرموز التى أتلقاها ، لا أستبعد أن يدسوا أنوفهم لتأويلها قبلى !
أمام حقل مسعد أبوحشيش وجدتها، كبيرة نظيفة ، تعوم معظم أغصانها فى الماء. حدقت فى ورقها المزغب ، وزهورها الصفراء ، واقتربت ، فهبت رائحة البخور النفاذة . جلست على الأرض ، ومددت ذراعى لأمسك غصنا طافيا :
يا برنوف انأ مقروف....
من تحتها برزت بغتة رأس الحمار بأذنين متحركتين، تفوح منهما رائحة البخور . تراجعت للخلف وقلت بفزع :
- كيف تعيش هنا، والحمير إذا طال الماء آذانها تموت ؟
ضحك بصوت رخيم وقال وهو يتأهب للغوص:
- وهذه أيضا إشارة!
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد المنيسى
اشارات عميقة
عدد الردود 0
بواسطة:
فتحى ابراهيم نافع
عايزين من ده
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد جابر الشرقاوى
اشارات المنزلاوى