جدل كبير أثارته الزيارة الأخيرة لرئيس الأكاديمية البحرية باللاذقية عماد الأسد ابن عم الرئيس السورى بشار الأسد إلى مصر، وهى الزيارة التى أحيطت بكثير من الأقاويل واللغط بين كونها زيارة سياسية رسمية وحراك واضح فى العلاقات المصرية السورية منذ أن أعلن الرئيس المعزول قطعها ودعم جماعات وتنظيمات الإرهاب فى سوريا، أو اعتبارها مجرد زيارة أكاديمية بحتة لا تحمل الطابع السياسى، وإنما تستهدف المشاركة فى اجتماعات اللجنة التنفيذية لفرع الأكاديمية باللاذقية، حسب ما قالت الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى فى الإسكندرية، ومع ذلك لا يمكن عزل الزيارة لابن عم الأسد إلى مصر عن مسار الحديث الدائر عن تطور إيجابى ولو بطيئا فى الموقف المصرى الرسمى تجاه سوريا، وهو ما يدفع إلى تحميل الزيارة الوجه السياسى والوجه الوظيفى معا، ولا تخلو من الرسائل المتبادلة بين الحين والآخر، خاصة منذ تولى الرئيس السيسى الرئاسة، بين القاهرة ودمشق، وتطرح أسئلة كثيرة عن العلاقات بين الجانبين وربما فى مقدمتها، متى تعود العلاقات الدبلوماسية؟
مصادر عديدة تؤكد أن زيارة الأسد إلى مصر ليست الأولى منذ 30 يونيو وسبقتها زيارات ولقاءات أخرى داخل مصر وخارجها فى مجالات مختلفة سياسية وأمنية، وإن كانت بعيدا عن كاميرات الصحف والفضائيات، وربما أيضا خارج الصفة الرسمية، وتبعها تصريحات إيجابية من الجانبين، وتأكيد مصر على لسان الرئيس السيسى فى محافل دولية، خاصة فى الأمم المتحدة على ضرورة الحل السياسيى للأزمة السورية.
زيارة عماد الأسد المعلنة تحمل الكثير من المعانى، وتعنى أن ما بين سوريا ومصر الكثير والكثير الذى يتجاوز الموقف من بشار الأسد، فالمؤامرة على المنطقة تتجاوز الأشخاص والمناصب، ومخطط تمزيق سوريا وتفتيتها إلى دويلات هدفه مصر الدولة الأكبر فى المنطقة، فالسهم المسموم الذى يصيب ظهر دمشق، يطعن أيضا قلب القاهرة، وهذه هى حقائق التاريخ والجغرافيا فى الماضى والحاضر.
مصر استقبلت وزراء ومسؤولين سوريين فى القاهرة خلال الفترة القليلة الماضية أهمها زيارة وزير السياحة السورى، ورئيس اتحاد العمال فى سوريا، والفترة المقبلة من المتوقع أن تشهد تحسنا أكبر بعد تغير المواقف الإقليمية من سوريا، بعد أن تكشفت حقائق كثيرة، فالموقف السعودى الآن، على سبيل المثال، ليس هو ذات الموقف من بداية الأزمة، وهو ما يمنح مصر مساحة للعب دور أكبر فى الأزمة السورية مستقبلا واستعادة الريادة الحقيقية.