مؤتمر صحفى من ضاحية «بيرم باشا» المتواضعة فى تركيا يعلن من خلاله القيادى الإخوانى «محمد جمال حشمت» أن نواب برلمان عام 2012 الذى كانت غالبيته من الإخوان وحلفائهم سيعقدون اجتماعات البرلمان وأنهم سيعتبرون الجلسات منعقدة حتى يسقط الانقلاب ومن بين ما ذكره من أهداف انعقاد البرلمان الإخوانى وضع أجندة تشريعية للدولة العادلة دولة المؤسسات القادمة وإصدار التشريعات اللازمة للحفاظ على الثورة وحماية حقوق الرئيس المنتخب... إلخ، هذا يقودنى على الفور إلى كتاب «الحركة الإسلامية.. رؤية مستقبلية.. أوراق فى النقد الذاتى».
وهو نفس الكتاب الذى أشرت إليه فى المقالين السابقين وأدلف مباشرة إلى ما أطلق عليه محرر الكتاب «عبدالله النفيسى» بالحلقة المفقودة فى التصور الاستراتيجى للحركة.. بالطبع أنا آخذ العناوين فقط لكى أشرح من لحظتنا نحن وليس مما كتب النفيسى عن لحظته التاريخية، فهناك حلقة مفقودة لا نبحث عنها ولا نعمل لإنشائها وإنما نتجاوزها طالما أننا غير قادرين على بنائها، لأن بناء تلك الحلقة المفقودة يفترض فى الواقع جهدا جماعيا خلاقا يفترض تجاوز الأطر الحزبية والتنظيمية الضيقة لبناء نظرية عامة عن العالم وعن العصر وعن الإنسان، ومن أهم ما يجب أن تفعله الحالة الإسلامية أن لا تحمل نفسها فوق طاقتها وأن لا تطلب المستحيل، وما يبدو مستحيلا لى هو إحياء ما قد رث وبلى ونسى، فهل عقد البرلمان فى أحد أحياء تركيا سيحقق الأهداف التى تم الإعلان عنها؟ أم أن هذا لنقنع الناس بأن هناك حركة وهى فى كل الأحوال خير من الصمت والتفكر الواجب لكى نبنى الحلقة المفقودة والتى تعنى جهدا خلاقا لبناء نظريتنا تجاه العصر والعالم والإنسان.
أشار محرر الكتاب لما أطلق عليه «عين على الحاضر وأخرى على المستقبل»، فهل تضع الجماعة عينها على المستقبل وهى تلقى بثقلها خلف منطق المواجهة والصدام الذى يغلق الباب على المستقبل الذى هو بالضرورة فى مصر هنا وليس فى أى مكان آخر، ولا توجد حركة اجتماعية مارست نضالها من خارجها وحسمت صراعها بنصر مع السلطة التى تنازلها، السياسات تتغير والضحايا يستخدمون كزهر النرد أو كبيادق الشطرنج فى لعبة الإقليم أو الأمم الكبرى وستبقى بعد كل ذلك مصر البلد الذى نسعى لخلاصه واستقراره، يمضى الوقت ونجد أنفسنا فى خانة من قطع كل الجسور خلفه، ووصم نفسه بسمة المتآمر على بلده وليس المناضل من أجلها. آخر عنوان أشار إليه محرر الكتاب هو تجاوز الصراع على السلطة «سأنقل هنا بالنص» فى البعد السياسى لم توفق الحركة لاستعدادها الغريزى للصدام مع الفرقاء السياسيين وضعفها فى مقاومة الاستدراج للمعارك السياسية الجانبية التى أكلت معظم طاقتها الحركية.. أضف لذلك الاستخفاف التام تجاه الآخر والجهل الواضح بموازين القوى الفعلية وسيطرة الخطباء فى صياغة العقل العام للحركة عوضا عن الموجهين الفكريين». كل هذه العوامل تساعد فى حشر الحركة فى زاوية الصراع مع السلطة وهو صراع لم تحصد منه الحركة سوى المر والعلقم.