إذا استطاع الرئيس عبد الفتاح السيسى استثمار زيارته للصين - وأظن أنه قادر - ستنجح مصر فى عبور الجسر الطويل إلى شرق آسيا، وهو جسر لم نتعامل معه باهتمام كاف بكل أسف.
منذ هبط نابليون أرض مصر عام 1798، ونحن نعتقد أن شجرة الحضارة منزرعة فى أوروبا فقط، فإليها يجب أن نتوجه، ومنها ينبغى أن نستمد علمنا وثقافتنا، لكننا لم ندرك جيدا أن هناك شعوبا أخرى تعلمت من الدروس الأوروبية واتكأت على طاقاتها البشرية الجبارة، فشاركت فى زرع حقول الحضارة الإنسانية، وهاهى الصين تقدم نموذجا باهرا للتقدم والنمو، ولك أن تعلم على سبيل المثال أن الكهرباء لم تنقطع فى الصين منذ 30 سنة كما قال سفيرنا هناك مجدى عامر!
أكثر من مليار وثلث مليار نسمة يستمتعون بكهرباء دائمة، بينما عددنا لم نصل إلى 100 مليون إنسان أى أقل من %10 من عدد الصينيين ومازلنا نكابد الأمرين من انقطاع الكهرباء. رجاء ألا تنسى أن النهضة الصينية بدأت مع وصول ماو تسى تونج إلى السلطة عقب ثورة شعبية ضخمة عام 1947، أى أن علاقة الصين بالتقدم الحديث لا تتجاوز سبعين سنة فقط، ومع ذلك فقد استطاع أبناء كونفوشيوس - الحكيم الصينى الشهير - أن يشيدوا حضارة اقتحمت كل دول العالم.
درس الصينيون بجدية ثقافات الشعوب الأخرى وعاداتهم، فابتكروا لهم أدوات وأشياء مثيرة تستفز داخلهم غريزة الشراء، وهكذا رأينا الفانوس الصينى والمنبه الذى يصدح «الله أكبر» كلما حان وقت الأذان، وسجادة الصلاة، إلى آخر ما يشغل كثيرًا منا نحن العربَ والمسلمين، كما ابتكر الصينيون حلولا لتلبية حاجات أصحاب القوى الشرائية الضعيفة، فصنعوا لهم ما يحتاجونه بأسعار قليلة تناسب قدراتهم المالية.
إن ألعاب الأطفال الصينية مثال حى لعبقرية الشعب الصينى واتساع خياله، وقد شاهدت هذه الألعاب معروضة فى كل أسواق العالم تقريبا، الأمر الذى يؤكد أنهم مهرة أيضا فى فنون التسويق، ليت زيارة الرئيس السيسى للصين تجعلنا ننتبه إلى أن التعلم من الشرق الآسيوى بات ضرورة قصوى، عسى أن نلحق بالعصر الحديث!