كان متوقعا أن تتوقف «الجزيرة مباشر مصر» عن البث لأن لعبة السياسة ليست فيها عداوات أو صداقات دائمة وإنما مصالح دائمة ومستمرة. وهذه قاعدة تاريخية بديهية معروفة فى العلاقات بين الدول وليست شيئا مستحدثا أو جديدا.
«الجزيرة مباشر مصر» كانت سلوكا إعلاميا شاذا لا مثيل له منذ انطلاق الفضائيات العربية، ولم يكن مفهوما ولا مقبولا منذ البداية أن تخصص فضائية دولة قناة خاصة، لأوضاع دولة أخرى حتى دون الحصول على تراخيص ومراعاة قوانين وتشريعات تلك الدولة، المأساة أن مباشر مصر بعد 30 يونيو خلعت رداء الوظيفة الإعلامية لتصبح إحدى أدوات الحرب الإخوانية ضد مصر وبدعم سافر وواضح من دولة قطر، ولم تعد وسيلة إعلامية بل كتيبة حرب فى معركة الإخوان الخاسرة، وتحولت إلى منبر لبث الأكاذيب والأخبار الملفقة والتحريض على العنف واستخدام السلاح وإشاعة الفوضى داخل مصر، فى وضع استثنائى عاشته مصر طوال تلك الفترة حتى بدأت فى استعادة بعض من عافيتها وتأثيرها وموقعها العربى والإقليمى والدولى، تغيرت اللعبة السياسية وأدركت قطر خطورة التمادى فى معاداة مصر ودول الخليج فعادت - مرحليا - إلى القاعدة البديهية فى السياسة وقررت إغلاق الجزيرة مباشرة كخطوة أولى فى ترميم العلاقات مع مصر.
لكن ومع كل ذلك لم يفهم الزملاء المصريون العاملون فى «مباشر مصر» اللعبة، ومعهم أيضا الضيوف الذين أغواهم شيطان المال ولون الدولارات الخضراء فسال لعابهم وباعوا أنفسهم وضمائرهم بثمن بخس مقابل خيانة مجانية لوطنهم، البعض قد يضلل ويعزى ذاته بأنه ذهب ليقول الرأى الآخر فى عقر دار الجزيرة ولم يخالف مبادئه، رغم أن الرأى الآخر أيضا كان مقابله دولارات خضراء ولم يكن لوجه الله والوطن المسكين.
لا أدرى ماذا سيفعل الزملاء الذين ناضلوا ضد مصر وانحازوا لجماعة إرهابية بالباطل مقابل حفنة دولارات شهورا من خلال شاشة مباشر مصر بعد إغلاق القناة، هل سيشدون الرحال كاليتامى إلى تركيا للاستمرار فى النضال ضد مصر، وكأنهم لم يستوعبون الدرس، أم يعلنون التوبة ويعودون إلى صوابهم ورشدهم ويعتذرون للمصريين ويكتفون بهذا الفاصل من الخيانة والبيع، وحلال عليهم الدولارات القطرية.. أهو اللى ييجى من أموال الأمير فايدة برضه.