إذا كان الوعى نصف الحل، وإذا كانت الميزانيات تقف حائلًا أمام نسف نظام التعليم الحالى، وإقامة نظام تعليمى حقيقى جديد، وإذا كانت الاستراتيجيات رؤى وأحلامًا مع إيقاف التنفيذ، وإذا كان وزير التعليم لا يدرك أن المعلوم فى التعليم بالضرورة يؤكد أن هناك انهيارًا فى مستوى المدرسين بجميع المراحل، وأن المدرسين حالهم- إلا قلة قليلة منهم- من حال الطلاب فى الجهالة والتجهيل، فالمدرسون ضعفاء وجهلاء ويُخرجون طلابًا بنفس القدر إلا من منحه الله تميزًا وظروفًا مختلفة، وبالتالى يبقى التفوق حالة فردية.
لو أدرك وأقر وزير التعليم ذلك, فليفكر ويبحث عن حلول غير تقليدية إلى أن يجد الله لنا مخرجًا، ويبعث لنا بإرادة ميزانية واستراتيجية ونوايا حقيقة خالصة للنجاة من اللاتعليم الذى نعيش فيه، وهناك أفكار لا تحتاج إلى أموال، وإلى أى مجهود، فماذا لو أجرى وزير التعليم بروتوكولًا وتنسيقًا مع السيد وزير الثقافة، فنحن نمتلك آلاف المبدعين والكتاب فى الأدب والشعر، ومفكرين على أعلى مستوى من العمق، ولو تم الاتفاق على أن يقوم هؤلاء بزيارات دائمة للمدارس، وإعطاء حصص حرة ليست فى المنهج لإضافة ثقافة حقيقية فى التاريخ والأدب والموضوعات الثقافية العامة، هذه فكرة تعطى للطلاب طاقة إيجابية رائعة، وتفتح عقولهم على آفاق أخرى غير موجودة، وتضيف إليهم وتحفزهم، وتخلق لديهم طموحًا، وتكون لديهم مرجعيات علمية ثقافية تصحح المفاهيم، وتعالج التشوهات. لو كان وزير التعليم لديه وعى بمشاكلنا، ولديه إرادة بالتغيير، ونسف كل ردىء فليمنح كتاب المناهج الحالية حق التقاعد، والابتعاد عن كتابة ما لا يضيف، وما لا يقدم شيئًا لا للطلاب ولا للوطن، وليأت بعقول راقية الفكر، تمتلك من العلم والبصيرة ما يؤهلها لتحمل هذه المسؤولية الكبرى.
لو كان وزير التعليم على علم ودراية بمادة الدين مثلًا، ومن يدرسه، وما يقدم فيه، لوجد حلولًا أخرى غير القائمة بالفعل، ولأصبحت حصة الدين ليست فى الفصل ولا المدرسة بل قد تكون فى أحد المساجد الكبرى فى وجود عالم حقيقى يقدم لهم صحيح الدين، والشىء نفسه بالنسبة للدين المسيحى.. المؤكد أن هناك أفكارًا يمكن تنفيذها، وتحدث فارقًا، ولا تحتاج أى قرارات أو ميزانيات أو استراتيجيات، فقط تحتاج إلى الوعى، وإرادة البحث عن أفكار إبداعية خارج الروتين والمعتاد، وبعيدًا عن التعقيد واليقين بنظرية «ليس من الإبداع أبدع مما كان»، حتى لا نبقى محكومًا علينا بظلمة من كان وزيرًا للتعليم، فليبدع أو فليرحل.