عطر الأحباب.. أفلام لها تاريخ..رأس السنة فى السينما المصرية أشهرها «أرض الأحلام».. الأعمال غائبة دوماً.. باهتة باستمرار.. لماذا تجاهلت فاتن حمامه نجوم الشباك واختارت يحيى الفخرانى ليشاركها البطولة؟!

الجمعة، 26 ديسمبر 2014 02:16 م
عطر الأحباب.. أفلام لها تاريخ..رأس السنة فى السينما المصرية أشهرها «أرض الأحلام».. الأعمال غائبة دوماً.. باهتة باستمرار.. لماذا تجاهلت فاتن حمامه نجوم الشباك واختارت يحيى الفخرانى ليشاركها البطولة؟! فيلم أرض الأحلام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالرغم من احتفال المصريين- والعالم كله- بليلة رأس السنة، فإنها تكاد تكون منعدمة فى السينما المصرية، وهو أمر محير حقًا، فكم من الأحداث المتناقضة يمكن العامل معها فنيًا فى هذه الليلة، وكم من مفارقات مدهشة تستحق تسليط الضوء عليها سينمائيًا فى هذه الساعة الأخيرة من العام، فلماذا لم يبادر صناع السينما لدينا فينجزوا أفلامًا تستلهم وقائع هذه الليلة؟ وكيف أهمل المخرجون ليلة فارقة تختلط فيها الأحلام بالأمنيات، والطموحات بالخيبات حتى صارت غير ذات شأن سينمائيًا؟

يبدو لى أن السبب قد يعود إلى أن احتفالنا بهذه الليلة لم يتعمق فى وجداننا بعد، فحتى وقت قريب كان التقويم الميلادى غير معروف لدينا تقريبًا، ولعل كتاب الجبرتى الأشهر «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» خلا من التقويم الميلادى، فكل الحوادث التى ذكرها الجبرتى فى كتابه الفذ كانت مقترنة بالتاريخ الهجرى، والزمن بيننا وبين الجبرتى لم يتجاوز مائتى عام فقط «رحل الشيخ عبدالرحمن الجبرتى فى سنة 1825».

كذلك يمكن تفسير غياب ليلة رأس السنة عن الشاشة الفضية بسبب ما يكتنفها عادة من احتفالات صاخبة لا يقدر عليها سوى الموسرين من أبناء الطبقات الثرية، ومصر كما نعلم جميعًا تقطنها أغلبية فقيرة، فضلًا على أن هذه الليلة ترسخت فى الوجدان بوصفها ليلة ترفع فيها كؤوس الخمر، وتصدح فيها الموسيقى، وقد يغرق فيها المحتفلون فى خضم قبلات التهانى، وهى أمور تستهجنها الطبقات المحرومة التى يشكل شبابها الكتلة الرئيسة من رواد السينما!

هكذا إذن غابت- أو كادت- هذه الليلة الفارقة عن أفلامنا المصرية، رغم أن لها حضورًا مهمًا فى السينما العالمية، ومن أشهر الأفلام التى كان لهذه الليلة حضور بارز فى وقائعها هى:trading places 1983, money train 1995, the hudsucker proxy1994.

أرض الأحلام
من مفارقات القدر أن تكون أحداث آخر أفلام السيدة فاتن حمامة تدور كلها فى ليلة رأس السنة، وأعنى فيلم «أرض الأحلام/ 1993» للمخرج داود عبدالسيد، وهو فيلم متميز لا ريب، يفضح الوهم الشائع بأن أمريكا هى أرض الأحلام، كما فضحه أيضا الدكتور فؤاد زكريا فى كتابه الصغير المدهش «العرب والنموذج الأمريكى».

المخرج داود عبد السيد
المخرج داود عبد السيد

بذكاء شديد يبدأ الفيلم بمشهد لفاتن حمامة وهى تصفف شعرها أمام المرآة، بينما صوت معلم اللغة الإنجليزية يصدح من جهاز كاسيت لا نراه، ثم نفاجأ بفاتن تضع باروكة فوق شعرها وتضبطها جيدًا، ربما فى إشارة إلى أننا أمام عالم مصطنع.. لغة غريبة وشعر مستعار!

بعد ذلك نراها تخرج من باب العمارة يعتريها قلق، لدرجة أنها لا تجيد الخروج بسيارتها من الموقف سالمة، فتصدم السيارة التى خلفها أكثر من مرة، ثم ينتقل المشهد إلى داخل السفارة الأمريكية، لنعرف من خلال حوارات قصيرة معبرة ينطق بها الجالسون أنهم جميعًا يحلمون بالحصول على التأشيرة لدخول أمريكا إلا السيدة نرجس «فاتن حمامة» التى تتلكأ وتتردد، وتطالب بالتأجيل لمدة أسبوع، لكن الإدارة ترفض!

فيلم أرض الأحلام
فيلم أرض الأحلام

تحاط فاتن بابنها «هشام سليم»، وابنتها «علا رامى»، وهما يحرضان ويلومان والدتهما لأنها كسرت تأشيرة الدخول لأمريكا، وأبت السفر بحجة المرض فى المرة السابقة، ولم يبق لها سوى هذه الفرصة. ثم تسأل الأم ابنتها وهما سائرتان فى الطريق لماذا تريد السفر إلى أمريكا رغم أنها مذيعة ناجحة هنا كما كانت تحلم، فنفاجأ بصراخ الابنة: «زهقت.. زهقت.. من كل حاجة.. عاوزة أسافر».

ليختفى المشهد تدريجيًا مع ظهور المقدمة، حيث يكتب اسم الفيلم بخط أبيض «مدندش» على خلفية سوداء، ويشع منه بريق من الأزرق الحالم، ونعرف أن هانى فوزى هو من كتب القصة والسيناريو والحوار، والموسيقى التصويرية لراجح داود، ومدير التصوير سمير بهزان، والإنتاج حسين القلا!
من المشاهد التالية نعرف أن اللية ليلة رأس السنة، وأن فاتن منزعجة جدًا من السفر، وأنها لا تفهم كلمة واحدة من اللغة الإنجليزية التى تنطلق من جهاز الكاسيت، وأنها إذا سافرت أمريكا ستصبح وحيدة بلا أصدقاء ولا جيران، وتظل حتى السادسة مساء تعانق الجدران حتى يعود ابنها من العمل!
فى خضم اضطرابها النفسى تصدم بسيارتها يحيى الفخرانى، لكنه لم يصب، ونعرف أنه يعمل ساحرًا، والليلة ستتجلى ألاعيبه السحرية فى الكازينوهات والملاهى.
لماذا الفخرانى؟

الفنانة الراحلة أمينة رزق
الفنانة الراحلة أمينة رزق

يحتشد الفيلم بمشاهد بالغة الرقة والعذوبة بين فاتن وصديقاتها، وبينها وبين والدتها أمينة رزق التى اختارت الإقامة فى دار للمسنين، وبين الأم وبين رفيقها فى الدار محمد توفيق، لكن تظل مشاهدها مع يحيى الفخرانى هى الأكثر فتنة فى هذا العمل العذب الذى نعرف جميعًا قصته ونهايته. لكن السؤال: لماذا اختارت فاتن حمامة النجم يحيى الفخرانى تحديدًا ليشاركها البطولة فى آخر أفلامها؟، لاحظ أن سيدة الشاشة لم تقف أمام أى نجم من نجوم السبعينيات سوى محمود ياسين، فلم تمثل مع حسين فهمى أو نور الشريف، كذلك لم يحظ نجوم الثمانينيات والتسعينيات بالوقوف أمامها فى أى مشهد سينمائى، فلا عادل إمام ولا محمود عبدالعزيز ولا أحمد زكى ولا فاروق الفيشاوى ولا محمود حميدة نال شرف التمثيل أمام أهم وأشهر نجمة فى تاريخ السينما العربية، فلماذا يحيى الفخرانى تحديدًا؟

فيلم أرض الأحلام
فيلم أرض الأحلام

ليست عندى إجابة محددة ونهائية، وإن كنت أميل إلى أن فاتن حمامة اكتشفت أن الخامة التمثيلية التى يتمتع بها الفخرانى هى الخامة نفسها التى لونت حياة فاتن على الشاشة، ومع كامل احترامنا للنجوم الآخرين، فإن بطلة «دعاء الكروان» رأت فيهم أنهم اختاروا منطقًا آخر فى التمثيل، قد لا يتناسب مع ما اعتنقته ونفذته طوال تاريخها السينمائى المدهش!

على أية حال.. إذا كانت السينما المصرية قد تجاهلت ليلة رأس السنة «عاطف الطيب حقق فيلم ليلة ساخنة عن هذه الليلة»، فإن فاتن حمامة لم تتجاهل هذه الليلة، وقدمت مع مخرج متفرد فيلمًا رهيفًا قادرًا على إمتاعنا طوال العام، وليس فى ليلة رأس السنة فقط!


موضوعات متعلقة:


ماو تسى تونج.. تورتة مضيئة بـ1300 مليون نسمة.. قاد الصينين إلى ذروة العالم سياسيا واقتصاديا

قضية ساخنة.. أشهرهم مصطفى حسين وصباح وأحمد رجب وسعيد صالح.. 2014 تطفئ 16 شمعة فى الفن والثقافة والفكر والحياة








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة