كنت من الحاضرين مع بعض المثقفين للقاء السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، خرجت مرهقا بسبب سهرى قبلها للصباح كعادتى ومن ثم لم أكن حظيت بنوم كاف، اللقاء كان يستحق الانتباه ومن ثم استجاب الجسد والعقل، فضلا عن أنى شربت الشاى خمس مرات أثناء اللقاء فى كستانات صغيرة فصرت متنبها، لكنى بعد خروجى عزفت عن الرد على الصحف أو الفضائيات لأنى أحسست بالإرهاق
ومن ثم يمكن أن أقول شيئا على غير ما حدث بالضبط، لقد انتشرت أحاديث من حضروا فى كل الصحف وتقريبا كل الفضائيات، لم يشر إلى بعض ما قلت أحد إلا الأستاذ وحيد حامد فله الشكر، كتبت على تويتر بعض جمل أخذتها بعض المواقع، على أنه من المهم أن أقرر، لاحظ هذه الكلمة، أن السيد الرئيس كان واسع الصدر جدا، وكان يستمع باهتمام شديد، وأبدى استعداده لكل قول أو عمل من ناحيتنا
على أن الأهم أيضا أن أقرر أن ما قاله الرئيس عن تيارات الإسلام السياسى يعكس معرفة حقيقية بها، على رأس ما قال جملة إن ما حدث من حكم الإخوان كان أول اختبار عملى على الأرض لأفكار هؤلاء وغيرهم من هذه التيارات التى شوهت الدين أكثر من ألف سنة، وأساءت إلى الله والإسلام، سأكتب هنا ماقلته وردود السيد الرئيس عليه لأن غيرى أفاضوا فيما قالوه.
لقد حدثت السيد الرئيس عن قانون التظاهر وكيف وقد أريد به الوقوف أمام الإخوان المسلمين انتهى بشباب ثورة يناير إلى السجون، وأن كثيرا منهم برىء حتى من التظاهر، ألقت به الظروف بالقرب من المظاهرة، وأن الجامعات كان يمكن أن تحل مشلكة التظاهر بتخصيص مكان فى أفنية الجامعات الواسعة لذلك، على غرار مافعلت جامعة القاهرة ولو متأخرا
وأنه لو عدّل هذا القانون وجعل التظاهر بالإخطار ومن ثم خرج من حبسوا بهذا القانون ثم خرج هو إلى الشعب فى كلمة قصيرة يعلن فيها ذلك ورغبته أن يساعده الشباب الذين سيفرج عنهم فى ممارسة ديمقراطية بلا عنف من أى طرف، سيجد صدى عظيما يضاف إلى رصيده الكبير عند الناس، وحدثته أيضا عن قانون الحبس الاحتياطى المفتوح
ووضحت كيف أن هذا القانون جعل أعدادا كبيرة اقتربت من العام فى السجون ولم تعرض على المحكمة، وهذا القانون وقانون التظاهر تسببا فى حبس شباب صغير بالآلاف وأطفال بالمئات وبنات صغيرات طالبات إما حكم عليهم وإما انتظارا للمحكمة. وكثير منهم لم يخرج فى المظاهرات من أجل الإخوان ولا عودة مرسى لكن من أجل الإفراج عن زملائهم، وكانت النقطة الثالثة من كلامى عن مجلس الشعب والترتيبات التى نسمع بها والخوف أن يأتى مجلس شعب بلا فاعلية غير السمع والطاعة، فمثل هذه الطريقة لا تأتى إلا بأصحاب المصالح ومن سيأخذونك بعيدا عن الشعب الذى يؤازرك ويساندك بقوة..
حدثت السيد الرئيس عن سوءات الحكم المركزى عبر التاريخ الذى تسبب فى الحكم المطلق وكان الحاكم يأتى فيتخلص ممن كان قبله كما صارت مصر أطول مستعمرة فى تاريخ العالم، كل الغزاة جاءوا وتخلصوا من الحاكم السابق والشعب بعيد، الشعب، ياسيادة الرئيس، هو الضمان الوحيد لأى حكم ولأى حاكم، ثم لماذا تتحمل وحدك أخطاء الوزراء والمحافظين وغيرهم؟ مجلس الشعب والمجالس المحلية هذه مهمتهم، وللرئاسة القضايا الكبرى فى الحكم، ثم دخلت فى حديث اقتصادى سريع عن موضوع ضريبة الخمس فى المائة المقررة على رجال الأعمال الذين تزيد أرباحهم على المليون جنيه فى السنة وكيف أن القانون لا يلزمهم بدفعها نقدا بل بعمل مشروعات بها وإلى الآن ونحن على أبواب شهر يناير حيث يبدأ دفع الضرائب لم تقدم الدولة لهم مشروعات بما يفعلونه، وهذه الخمسة بالمائة قد تزيد على العشرين مليارا فلماذا تتركها الدولة التى تعانى من الإفلاس؟
لماذا لا تعلن لهم عددا من القرى لتطويرها ومن الطرق لرصفها ومن المحطات الكهربية لبنائها بدل ضياع الفلوس؟ فيما سيفعله رجال الأعمال أيضا إشارة إلى أهمية المجتمع المدنى ومساهماته مع الحكومة فى النهوض بالمجتمع، ولقد عرفنا ذلك أيام الملكية قبل ثورة يوليو 1952 حين كان الأغنياء والفقراء أيضا يبنون المدارس والمستشفيات والجامعات ويقدمونها هدية للوزارات المعنية، لقد قامت النهضة الحديثة كلها منذ عصر الخديوى إسماعيل حتى ثورة يوليو 52 على إسهامات المجتمع المدنى أو الأهلى، بعد ذلك أوصلنا الحكم المركزى إلى الخراب الذى تعانيه البلاد والذى هو الحمل الثقيل أمامك
هذا باختصار ما قلته، وأبدى السيد الرئيس تفهما كبيرا، قال إنه يدرس للمرة الثالثة أسماء المحبوسين، وإنه يعرف أن بينهم أبرياء. وقال إن مسألة الخمسة بالمائة تحتاج آلية عمل سندرسها، وقال إنه لا يمكن أبدا أن يكون سببا فى مجلس شعب يعود بنا إلى الوراء ووعد خيرا فى كل الردود. وأتوقف عند ما قاله ردا على وعلى الجميع على الإجمال وهو يتلخص فى جملة «لا عودة للنظام القديم».
أعود لأقول ما قلته من قبل، إن الرئيس كان متفهما ومحاورا شديد البساطة والوضوح حتى وهو يتكلم عمن يريدون الخراب للبلاد ممن يناصرون الإخوان المسلمين، وأقف عند ما قلت وأجد نفسى مضطرا لتصويب بعض ما نشر على لسان الزملاء أو ما نشرته الصحف من أن الرئيس قرر تكوين لجنة من الحاضرين لرسم وتطوير الأوضاع الثقافية.. الحقيقة أن الرئيس قال إنه مستعد لكل من يقدم له خطة عمل حتى لو جماعية على أن يقوم من يقدمونها بالعمل بأنفسهم فيها
كما نشر أن الرئيس قرر الاجتماع بنا كل أسبوع، والحقيقة أنه أعلن أنه مستعد للقاء بالمثقفين حتى ولو كل أسبوع إذا أرادوا مادام هناك ما يفيد، وفى النهاية القضية التى تقلقنى وتقلق غيرى هى عامل الوقت، فالرئيس يرى أكثر مما نراه حوله ويباشر الأمور كما يقتضى ما يراه من صعوبات ولايحب الاندفاع، أحد الزملاء حدثه عن ضرورة غلق قناة الجزيرة، فقال له إن يصبر وليس بالقوة هكذا، وفى المساء رأينا مندوب قطر فى مصر، وفى الصباح أغلقت قطر الجزيرة، مما يشير إلى أن ما يعرفه ولا نعرفه يحتاج التمهل، ومن ثم نرجو أن يفاجئنا بما نريد ولو شيئا فشيئا فى كل ما تحدثنا معه فيه وأبدى تفهما له
عامل الوقت يختلف بين حاكم يرى ومحكوم متلهف عانى ما لم يعانه بشر عبر عشرات السنين من الحكم المركزى الظالم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة