يجب أن يكون ضمان استقلال القرار الوطنى ورفض مبدأ التبعية لأحد شعارا وطنيا تم رفعه بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو من الشعب المصرى، وتأكيدا لهذا سعت مصر إلى إقامة علاقات دولية متوازنة وخصوصا مع روسيا والصين.
وعلاقاتنا بالصين علاقات تاريخية فأنت تتحدث عن دولة عظمى لها جذور ممتدة عبر التاريخ وليست دولة بينها وبين الحضارات ودولها عداوة- لأنها ليست لها تاريخ ولن يكون لها فى يوم من الأيام تاريخ- فالشعب الصينى شعب صاحب حضارة ممتدة عبر الزمان، والصين كدولة صاحبة حضارة تمتد لآلاف السنين تقدر مصر كدولة أيضا صاحبة حضارة وتاريخ يمتد لآلاف السنين وأيضا كدولة واعدة وقوية فى أفريقيا والشرق الأوسط.
ولا يجب أن ننسى أن الصين الشعبية قد تغلغلت بشدة داخل أفريقيا ولها علاقات قوية بالكثير من دول القارة ونتمنى من اإدارة المصرية أن تستفيد من علاقات الصين بدول أفريقيا وخصوصا دول حوض النيل، والصين ليست ببعيدة بالتأكيد عن مشكلة سد النهضة الإثيوبى بل لها بعض الاستثمارات فيه، وأحب أن أسجل هنا موقفا للتاريخ لى من تعامل مصر مع سد النهضة، قلته منذ تفاقم هذه المشكلة إبان فترة حكم الإخوان، ألا وهو أننا نتعامل تعاملا خاطئ مع هذا الملف ومازالت إثيوبيا تكسب المزيد من الوقت وتزيد الأمور تعقيدا على الأرض، فغياب المفاوض السياسى المحنك مع المسئولين والمشرفين الفنيين والإداريين والأجهزة السيادية أمرا غير مفهوم، وأنا هنا أناشد السيد رئيس الجمهورية بأن يكون وزير الرى وباقى الأجهزة السيادية وغيرهم معاونين لمفاوض سياسى محنك ملم بكل المعاهدات والاتفاقيات الدولية بخصوص نهر النيل والقانون الدولى، وإلا اليوم نتفاوض على واقع وبعد عدة أشهر ومع استمرار إثيوبيا فى بناء السد وخطيئة المكتب الاستشارى العالمى سنتفاوض على واقع جديد ومختلف على الأرض مما يزيد المشكله تعقيدا.
ولعل الصين الشعبية تعلم جيدا أن المستقبل الواعد لمصر سوف يصب فى مصلحتها السياسية والاقتصادية وهو ما جعلها ترحب بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لها وهى مدركة تماما أن مصر ستصبح خلال بضع سنين "طريق الحرير الجديد" وبالتالى تريد كتاجر محترف أن يكون لها نصيب الأسد من الاستثمارات الرابحة فى منطقة قناة السويس، وكذلك تريد مصر أن تستفيد من العملاق الصينى وخصوصا أن الصين لم تكن لها يوما أطماع استعمارية فى مصر مثل بعض دول الاتحاد الأوروبى أو الولايات المتحدة الأمريكية.
أتمنى أن نتجاوز مرحلة الاتفاقيات والمعاهدات فقط إلى مرحلة تنفيذ هذه الاتفاقيات وترجمتها إلى مشاريع عملاقة تعود بالنفع على مصر والصين إن شاء الله... حمى الله مصر وشعبها... والله الموفق.