لا أعرف إلى متى سنظل نخشى على ديننا الحنيف من فيلم أو كتاب أو قصيدة، ولا أدرى إلى أى وقت سنبقى أسرى ثقافة الرقابة والمنع، ألا يعلم الذين يراقبون ويمنعون أن الدنيا تغيرت وأن التكنولوجيا الحديثة اقتلعت فكرة المنع من جذورها؟
آخر الممنوعات كان فيلم Exodus: Gods And Kings، وقد أعلنت الرقابة أنها قررت منع عرضه فى مصر بزعم أن به مغالطات تاريخية تدعى أن اليهود شاركوا فى بناء الأهرامات، وهو ادعاء كاذب قال به رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق مناحم بيجين، لكن علماء الآثار لدينا فندوه وفضحوه!
لكن السبب الحقيقى للمنع يتمثل فى أن النبى موسى عليه السلام يتجسد فى الفيلم، وهو أمر يزعج الأزهر وشيوخه بشدة منذ 90 عامًا، وذلك عندما حاولت شركة سينمائية أجنبية عام 1925 إنتاج فيلم عن رسولنا الكريم، ورشحت يوسف وهبى للقيام بالدور، فتصدى لها الأزهر وأصدر قراره بمنع تجسيد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والعشرة المبشرين بالجنة على الشاشة، ومع الوقت تمدد المنع حتى طال المشاهير فى تاريخنا الدينى!
المثير للعقل أن دول أوروبا وأمريكا - وهى بلدان مسيحية - لم تجد أية غضاضة فى إنجاز أفلام تتناول قصص الأنبياء المذكورين فى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، ورأينا أفلامًا يظهر فيها السيد المسيح نفسه، ولم تهتز أعمدة هذه الديانة ولم يتصدع بنيانها، ولم يهجر الناس فى أوروبا الكنائس ولم يتوقفوا عن الصلاة يوم الأحد!
إن أكبر مشكلاتنا فى مصر تتمثل فى الجمود العقلى، والتعامل مع المستجدات الحديثة بقوانين القرون القديمة، وها هم قد منعوا عرض فيلم «نوح»، لكنهم لم يستطيعوا أن يقمعوا التكنولوجيا، وشاهد الناس الفيلم على «اليوتيوب»، ولم يتأثر ديننا الإسلامى الحنيف، ولم تتوقف الملايين عن الذهاب إلى المساجد وأداء الصلاة فى مواقيتها!
بصراحة.. نريد وقفة مع لائحة الممنوعات التى تتحكم فى عقولنا، فليس من حق أية جهة أن تفرض وصايتها على الشعب، فلنفتح كل النوافذ، وليحدد الناس - وليست الحكومة أو أية مؤسسة أخرى - ما ينفعهم وما يضرهم!