نهاية.. وبداية عام فرصة لالتقاط الأنفاس وتأمل أحوالنا الشخصية والأسرية وأحوال الوطن.. ودعنى عزيزى القارئ أهنئك بالعام الجديد الذى أتمنى أن يكون أفضل من 2014، والذى كان بدوره أحسن من 2013، قد نختلف على مفهوم الأفضل والأحسن ومعايير القياس لكن أيا كان المفهوم المستخدم أو طريقة القياس والتقييم فإن الأوضاع العامة فى المحروسة تتحسن بوتيرة ثابتة.. يبدو أن التاريخ فى مصر عاد إلى طبيعته فى التقدم إلى الأمام عاما بعد عام.. ففى عام 2013 انهارت الثقة فى المستقبل، وتكالب علينا الأعداء، والإخوان وحلفاؤهم السلفيون غافلون، وجاهلون لكنهم يهددون مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية، ويبنون مشروع دولة الخلافة التى تعتمد على الدين وليس المواطنة، وتبرر الطائفية والتمييز وتوزيع المكاسب والمغانم على أبناء الجماعة وتهميش الآخر.
سرعان ما أوقف الشعب والجيش هذا التدهور فى 30 يونيو 2013 وبدأ التاريخ يسير إلى الأمام فشهد عام 2014 تأكيدا لشرعية ومشروعية خارطة الطريق والرئيس السيسى وحكمه الجديد الذى استعاد مشروع الدولة الوطنية التى تقيم وتصون» نظاما جمهوريا ديمقراطيا يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون، والشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها.. (مادة 1 من الدستور) دولة إسلامية لكنها تعتمد على قيم المواطنة والمساواة بين أبناء الوطن من دون تمييز على أساس دينى أو مذهبى أو فئوى، ومع انتخاب السيسى رئيسا قبل ستة شهور ارتفعت مستويات الثقة فى المستقبل وتحسن الأداء العام للاقتصاد والأمن، وانطلق مشروع قناة السويس الجديدة، ضمن مشروعات تنموية عملاقة أعلن عنها وستنطلق قريبا، لكن هذا التحسن الكبير كان من الممكن زيادته وتوسيع نطاقه لولا تحديات الإرهاب فى الداخل ومعارضة الإخوان والمواقف العدائية لعدد من دول الجوار.. إضافة إلى أخطاء لابد من تصحيحها سريعا مثل الشقاق والخلاف بين شباب الثورة والرئيس السيسى وحكومته، هذا الخلاف الذى يرجع إلى سوء إدارة حكومتى الببلاوى ومحلب لقانون التظاهر.
عزيزى القارئ.. دعنا نأمل فى المستقبل القريب خلال السنة الجديدة، ومع الأمل لابد من العمل والتغيير، ولعل أولى خطوات العمل والتغيير هى بلورة رؤية شاملة لمعالجة مشكلات مصر وفق نظام أولويات وطنى يغطى السنوات العشر المقبلة وحتى نهاية 2025، وأتصور أن تلك الرؤية لابد أن تأتى نتيجة حوار مجتمعى عام ومؤتمرات علمية يشارك فيها خبراء وعقول مصر فى الداخل والخارج، أما الخطوة الثانية فهى استعادة السياسة من خلال تشجيع الحوار مع الشباب وإدماجهم فى العمل الحزبى وإجراء انتخابات برلمانية نزيهة حتى يصبح لدينا سلطة تشريعية إلى جانب بقية السلطات، والخطوة الثالثة هى مراجعة الأداء الأمنى وإعادة النظر فى قانون التظاهر والجمعيات الأهلية بما يكفل دعم المجتمع المدنى وإشراكه فى جهود التنمية، أما الخطوة الرابعة فتتعلق بإصلاح أجهزة الدولة وتطويرها بما يخفف معاناة المواطنين ويفعل دور الدولة فى تقديم خدمات التعليم والصحة والإسكان والنقل بشكل مرض ومتوافق مع الحد الأدنى من المعدلات الدولية، والخطوة الخامسة والأخيرة هى إصلاح وتطوير منظومة الإعلام بجناحيه الخاص والعام، فلا تخفى الفوضى الإعلامية التى نعيشها والتى بددت من طاقتنا على الإنجاز خلال العام الماضى وشغلت المواطنين بأمور سطحية، ومعارك وهمية.