لماذا تظل ردود الأفعال على الأحداث مكررة، طوال أربع سنوات، نفس المقولة الواحدة تدور الفيس بوك وتويتر بلا توقف، ويتناقلها المستخدمون وهم جلوس. ومن أبرز ردود الأفعال للتعبير عن حزن أو فرح أن يغير سكان فيس بوك وتويتر صورة «الآفاتار» الخاص بهم إلى صورة متعلقة بالحدث.
بعد الحكم ببراءة مبارك انتشرت صورة أم الشهيد الباكية تحتضن صورة ابنها الشهيد، الصورة معبرة لكنها لأم فلسطينية، وهى صورة قديمة تم نشرها من شهور، وليست لأم من الأمهات الباكيات أمام المحكمة ممن اعتبرن براءة مبارك إغلاقا لحقوق أبنائهم ممن استشهدوا فى المظاهرات، الصورة لأم فلسطينية نشرها أحدهم على أنها من المحاكمة وتناقلها الباقون بلا تفكير. كانوا يبحثون عن تعبير جاهز، وليس لدى أى منهم وقت ليبتكر طريقة تعبير حتى لو كانت أقل قوة. ثم إنها تدل على أن أى من المتعاطفين ينسخ مشاعره ولا يهتم فعليا بأمهات الشهداء الحقيقيات. لا أحد توقف ليستخدم صورة من أمهات المحكمة، وانتشرت مثلما تنتشر باقى الصور والأخبار والمقولات، التى فقدت معناها من كثرة الاستعمال.
صورة الأم معبرة، لكن النقل والنسخ يعبر عن حالة من الكسل والتقليد. وتكرار ردود الفعل وصدى الصوت من دون صوت. فالتصرفات على مواقع التواصل عدوى تنتقل كالإنفلونزا، ولا تعنى مشاعر حقيقية وإنما افتراضية.
وإذا كنا نواجه بالفعل حالة من الصدمة والحزن بعد حكم براءة مبارك، حالة من الإحباط تنتشر على مواقع التواصل وينتقل للإعلام، من دون فعل واضح أو تجديد. وهؤلاء الذين يصدرون طاقة غضب لا يهتمون كثيرا بتحقيق أهداف العدالة، والدليل أنهم غير قادرين على ابتكار حلول، تغادر والكلاشيهات التى فقدت معناها وتأثيرها من الاستعمال فى محلها أو فى غير محلها. مقولات جاهزة يختار منها الجميع عن «نصف ثورة.. وطريق الحق.. والدم.. وما هو الوطن.. وكأن ثورة لم تقم، ومش زى سوريا والعراق» أو هى كلاشيهات تنقل الإحباط ولا تقدم طاقة لهؤلاء التائهين. وكلها تنطلق من الكنبة.
وحتى هؤلاء القادة والسياسيون يعجزون عن تقديم خطاب جديد أو فكرة أو ما يطالبون به «حلول خارج الصندوق»، ويكتفون بإلقاء اللوم على النظام والرئيس. وهم يتحملون مسؤولية فيما يخص العدالة الاجتماعية والسلطة التنفيذية، وليس منها التدخل لإصدار أحكام من القضاء. ربما يكون أفضل لو قدم الزعماء اقتراحا بما يفترض فعله لاستعادة المال المنهوب والأراضى التى تم توزيعها وملاحقة الفاسدين بقوانين وخطوات. وأن يتجاوزوا ممارسة الكفاح بتغيير الآفاتار «قبل النوم».